وعَلى هَذَا قُلْنَا التَّعْلِيق بِالْملكِ صَحِيح وَإِن لم يكن الْملك مَوْجُودا فِي الْحَال لِأَن الْمُعَلق لَيْسَ بِطَلَاق وَلَا هُوَ سَبَب الطَّلَاق حَقِيقَة وَلَكِن يصير سَببا عِنْد وجود الشَّرْط وَهَذَا لِأَن الطَّلَاق وَالْعتاق لَا يكون بِدُونِ الْمحل وَالتَّعْلِيق يمْنَع الْوُصُول إِلَى الْمحل
وَكَذَلِكَ النّذر فَإِنَّهُ الْتِزَام فِي الذِّمَّة وَالتَّعْلِيق يمْنَع وُصُول الْمَنْذُور إِلَى الذِّمَّة وَالتَّصَرُّف بِدُونِ الْمحل لَا يكون سَببا كَبيع الْحر إِلَّا أَن هُنَاكَ ينْعَقد تصرف آخر وَهُوَ الْيَمين لِأَنَّهُ عقد مَشْرُوع لمقصود وَفِي ذَلِك الْمَقْصُود التَّصَرُّف صَادف مَحَله وَهُوَ ذمَّة الْحَالِف بِخِلَاف بيع الْحر فَإِنَّهُ لَا ينْعَقد أصلا وعَلى هَذَا لَا يجوز التَّكْفِير بعد الْيَمين قبل الْحِنْث بِالْمَالِ وَلَا بِالصَّوْمِ لِأَنَّهَا لَيست بِسَبَب لِلْكَفَّارَةِ معنى وَالْأَدَاء قبل تحقق السَّبَب لَا يجوز بِخِلَاف تَعْجِيل الْكَفَّارَة بعد الْجرْح قبل زهوق الرّوح فِي الْآدَمِيّ وَالصَّيْد لِأَنَّهُ سَبَب مَحْض من حَيْثُ إِنَّه طَرِيق مفض إِلَى الْقَتْل عِنْد زهوق الرّوح بِالسّرَايَةِ يُوضحهُ أَن الْيَمين لَا تبقى بعد الْحِنْث لِأَنَّهَا مَشْرُوعَة لمقصود وَهُوَ الْبر وَذَلِكَ يفوت بِالْحِنْثِ أصلا وَالْعقد لَا يبْقى بعد فَوَات مَقْصُوده
وَلما كَانَت الْكَفَّارَة لَا تجب إِلَّا بعد الْحِنْث الَّذِي يرْتَفع بِهِ الْيَمين عرفنَا أَن الْيَمين لَيست بِسَبَب لَهَا معنى إِذْ العقد لَا يكون سَببا للْحكم الَّذِي يثبت (بعد فَسخه
وَكَذَلِكَ الْيَمين بِالطَّلَاق فَإِن الطَّلَاق إِنَّمَا يكون وَاقعا بِمَا يبْقى بعد وجود الشَّرْط وَهُوَ قَوْله أَنْت طَالِق وَالنّذر إِنَّمَا يثبت) بِاعْتِبَار مَا يبْقى بعد وجود الشَّرْط وَهُوَ قَوْله على صَوْم أَو صَلَاة فَعرفنَا أَن الْمَوْجُود قبل وجود الشَّرْط لَا يكون سَببا معنى بِخِلَاف كَفَّارَة الْقَتْل فَإِنَّهُ جَزَاء الْفِعْل وَالْفِعْل بِالسّرَايَةِ يَتَقَرَّر وَلَا يرْتَفع فَكَانَ قبل السَّرَايَة سَببا وَملك النّصاب قبل كَمَال الْحول هَكَذَا لِأَنَّهُ يَتَقَرَّر عِنْده مَا لأَجله كَانَ النّصاب سَببا وَهُوَ معنى النمو إِلَّا أَن مَعَ هَذَا التَّعْلِيق بِالشّرطِ لكَونه سَببا مجَازًا أثبتنا فِيهِ معنى السَّبَبِيَّة بِوَجْه بِخِلَاف مَا يَقُوله زفر رَحمَه الله إِنَّه لَا يثبت فِيهِ حكم السَّبَبِيَّة بِوَجْه
وَبَيَان هَذَا فِي تَنْجِيز الثَّلَاث بعد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute