للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعلَّة للْحكم وينكر سَبَب الْخلَافَة وَذَلِكَ حكم ضَرُورِيّ فَكَانَ القَوْل قَوْله بِخِلَاف الْجَارِح إِذا ادّعى أَن الْمَجْرُوح مَاتَ بِسَبَب آخر وَقَالَ الْوَلِيّ مَاتَ من تِلْكَ الْجَارِحَة فَإِن القَوْل قَول الْوَلِيّ لِأَن الْجَارِح صَاحب عِلّة لَا صَاحب شَرط كَمَا بَينا وَالْأَصْل فِي الْعلَّة الصلاحية للْحكم فَكَانَ الْوَلِيّ هُوَ المتمسك بِالْأَصْلِ هُنَا

وعَلى هَذَا قُلْنَا إِذا غصب من آخر حِنْطَة فزرعها فَإِن الزَّرْع يكون مَمْلُوكا للْغَاصِب لِأَن مَا هُوَ الْعلَّة لحُصُول الْخَارِج وَهُوَ قُوَّة الأَرْض والهواء وَالْمَاء مسخر بِتَقْدِير الله تَعَالَى لَا اخْتِيَار لَهُ فَلَا يصلح لإضافة الحكم إِلَيْهِ وَالْإِلْقَاء الَّذِي هُوَ شَرط جَامع بَين هَذِه الْأَشْيَاء يَجْعَل كالعلة خلفا عَنْهَا فِي الحكم فَبِهَذَا الطَّرِيق يصير الزَّرْع كسب الْغَاصِب مُضَافا إِلَى عمله فَيكون مَمْلُوكا لَهُ وَإِذا سقط الْحبّ فِي الأَرْض من غير صنع أحد بِأَن هبت بِهِ الرّيح فقد تعذر جعل هَذَا الشَّرْط خلفا عَن الْعلَّة فَجعل الْمحل الَّذِي هُوَ فِي حكم الشَّرْط كالعلة خلفا حَتَّى يكون الْخَارِج لصَاحب الْحِنْطَة لكَونهَا محلا لما حصل وَهُوَ الْخَارِج

وَأما الشَّرْط الَّذِي هُوَ فِي معنى السَّبَب فَهُوَ أَن يعْتَرض عَلَيْهِ فعل من مُخْتَار وَيكون سَابِقًا عَلَيْهِ وَذَلِكَ نَحْو مَا إِذا حل قيد عبد فأبق لم يضمن عِنْد أَصْحَابنَا جَمِيعًا وَحل الْقَيْد إِزَالَة الْمَانِع للْعَبد من الذّهاب فَكَانَ شرطا فقد اعْترض عَلَيْهِ فعل من مُخْتَار وَهُوَ الذّهاب من العَبْد الَّذِي هُوَ عِلّة تلف الْمَالِيَّة فِيهِ فَمَا هُوَ الشَّرْط كَانَ سَابِقًا عَلَيْهِ وَمَا هُوَ الْعلَّة غير مُضَاف إِلَى السَّابِق من الشَّرْط فَتبين بِهِ أَنه بِمَنْزِلَة السَّبَب الْمَحْض لِأَن سَبَب الشَّيْء يتقدمه وَشَرطه يكون مُتَأَخِّرًا عَن صورته وجودا وَإِذا كَانَ بِمَعْنى السَّبَب كَانَ تلف الْمَالِيَّة مُضَافا إِلَى مَا اعْترض عَلَيْهِ من الْعلَّة دون مَا سبق من السَّبَب

وعَلى هَذَا لَو أرسل دَابَّة فِي الطَّرِيق فجالت يمنة أَو يسرة عَن سنَن الطَّرِيق ثمَّ سَارَتْ فأصابت شَيْئا فَلَا ضَمَان

<<  <  ج: ص:  >  >>