وَإِذا تقرر هَذَا خرج الْمنْهِي عَنهُ من أَن يكون مَشْرُوعا لمقْتَضى النَّهْي وَحكمه أما مُقْتَضَاهُ فَلِأَن أدنى دَرَجَات الْمَشْرُوع أَن يكون مُبَاحا والقبيح لعَينه لَا يجوز أَن يكون مُبَاحا فَكَذَلِك لَا يجوز أَن يكون مَشْرُوعا وَبِهَذَا تبين أَن النَّهْي بِمَعْنى النّسخ فِي إِخْرَاج الْمنْهِي عَنهُ من أَن يكون مَشْرُوعا
وَأما حكمه فوجوب الِانْتِهَاء ليَكُون مُعظما مُطيعًا للناهي فِي الِانْتِهَاء وَيكون عَاصِيا لَا محَالة فِي ترك الِانْتِهَاء وَإِنَّمَا يكون عَاصِيا بِمُبَاشَرَة مَا هُوَ خلاف الْمَشْرُوع فَعرفنَا أَن بِالنَّهْي يخرج من أَن يكون مَشْرُوعا
يقرره أَن الْمنْهِي عَنهُ لَا يكون مرضيا بِهِ أصلا وَإِن كَانَ لَا تنعدم بِهِ الْإِرَادَة وَالْقَضَاء والمشيئة بِمَنْزِلَة الْكفْر والمعاصي فَإِنَّهَا تكون من الْعباد بالإرادة والمشيئة وَالْقَضَاء وَلَا يكون مرضيا بِهِ قَالَ الله تَعَالَى {وَلَا يرضى لِعِبَادِهِ الْكفْر} والمشروع مَا يكون مرضيا بِهِ قَالَ الله تَعَالَى {شرع لكم من الدّين مَا وصّى بِهِ نوحًا} الْآيَة فَبِهَذَا تبين أَن الْمنْهِي عَنهُ غير مَشْرُوع أصلا ثمَّ صفة الْقبْح فِي الْمنْهِي عَنهُ وَإِن كَانَ لِمَعْنى اتَّصل بِهِ وَصفا فَذَلِك دَلِيل على أَنه لم يبْق مَشْرُوعا لِأَن ذَلِك الْوَصْف لَا يُفَارق