للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون مُفْسِدا وَمَعَ احْتِمَال أَدَاء شفع آخر بِهَذِهِ التَّحْرِيمَة لَا يتَحَقَّق فَوَات هَذَا الْفَرْض فَتبقى التَّحْرِيمَة صَحِيحَة قَابِلَة لبِنَاء شفع آخر عَلَيْهَا وَإِن فسد أَدَاء الشفع الأول بترك الْقِرَاءَة

وَقَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله الْقِرَاءَة فرض من أول الصَّلَاة إِلَى آخرهَا حكما وَلِهَذَا لَا يصلح الْأُمِّي خَليفَة للقارىء وَإِن كَانَ قد رفع رَأسه من السَّجْدَة الْأَخِيرَة وأتى بِفَرْض الْقِرَاءَة فِي محلهَا وَإِذا كَانَ مستديما حكما يتَحَقَّق فَوَات مَا هُوَ الْفَرْض بترك الْقِرَاءَة فِي رَكْعَة فَيخرج بِهِ من تحريمة الصَّلَاة

وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله كل شفع من التَّطَوُّع صَلَاة على حِدة وَلِهَذَا تفترض الْقِرَاءَة فِي كل رَكْعَة من الشفع عندنَا كَمَا تفترض فِي كل رَكْعَة من الْفجْر إِلَّا أَن بترك الْقِرَاءَة فِي رَكْعَة من التَّطَوُّع لَا يفوت مَا هُوَ الْمَأْمُور بِهِ من الْقِرَاءَة فِي الصَّلَاة نصا فَلَا تَنْقَطِع التَّحْرِيمَة وبترك الْقِرَاءَة فِي الرَّكْعَتَيْنِ يفوت مَا هُوَ الْفَرْض قطعا فَيكون ذَلِك قطعا للتحريمة وَهَكَذَا نقُول فِي الْفجْر فَإِن بترك الْقِرَاءَة فِي رَكْعَة يفْسد الْفَرْض وَلَكِن لَا تنْحَل التَّحْرِيمَة بل تنْقَلب تَطَوّعا فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى يَقُول فِي التَّطَوُّع احْتِمَال بِنَاء شفع آخر عَلَيْهِ قَائِم فَإِذا فعل ذَلِك كَانَ الْكل فِي حكم صَلَاة وَاحِدَة وَلَا تَنْقَطِع التَّحْرِيمَة بترك الْقِرَاءَة فِي رَكْعَة مِنْهَا وَمثل هَذَا الِاحْتِمَال غير مَوْجُود فِي الْفجْر حَتَّى إِن فِي ظهر الْمُسَافِر لبَقَاء هَذَا الِاحْتِمَال بنية الْإِقَامَة قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف رحمهمَا الله لَا تفْسد بترك الْقِرَاءَة فِي رَكْعَة مِنْهَا حَتَّى إِذا نوى الْإِقَامَة أتم صلَاته وَقضى مَا ترك من الْقِرَاءَة فِي الشفع الثَّانِي فيجزيه ذَلِك وعَلى هَذَا نقُول إِن بترك الْقِرَاءَة فِي التَّطَوُّع فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَمِيعًا لَا تنْحَل التَّحْرِيمَة عِنْده لاحْتِمَال بِنَاء شفع آخر عَلَيْهِ كَمَا فِي فصل الْمُسَافِر وَلكنه يفْسد لتحَقّق فَوَات مَا هُوَ فرض فِي هَذِه الصَّلَاة فَإِنَّهُ وَإِن بنى الشفع الثَّانِي على تحريمته لَا يخرج بِهِ من أَن يكون الشفع الأول صَلَاة على حِدة حَقِيقَة وَحكما وَلِهَذَا لَا يفْسد الشفع الأول بمفسد يعْتَرض فِي الشفع الثَّانِي والمسائل الَّتِي تخرج على هَذَا الأَصْل يكثر تعدادها وَالله أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>