للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الظَّاهِر هُوَ الْوَقْت فِي حَقنا وأمرنا بأدائها بقوله تَعَالَى {أقِم الصَّلَاة لدلوك الشَّمْس} أَي لوُجُوبهَا بدلوك الشَّمْس وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَنَّهَا تنْسب إِلَى الْوَقْت شرعا فَيُقَال فرض الْوَقْت وَصَلَاة الْفجْر وَالظّهْر وَإِنَّمَا يُضَاف الْوَاجِب إِلَى سَببه وَكَذَلِكَ يتَكَرَّر الْوُجُوب بِتَكَرُّر الْوَقْت وَالْخطاب لَا يُوجب التّكْرَار وَهِي لَا تُضَاف إِلَى الْخطاب شرعا وَلَيْسَ هُنَا سوى الْوَقْت وَالْخطاب فَتبين بِهَذَا أَن الْوَقْت هُوَ السَّبَب وَلِهَذَا لَا يجوز تَعْجِيلهَا قبل الْوَقْت وَيجوز بعد دُخُول الْوَقْت مَعَ تَأْخِير لُزُوم الْأَدَاء بِالْخِطَابِ إِلَى آخر الْوَقْت

فَإِن قيل لَا يفهم من وجوب الْعِبَادَة شَيْء سوى وجوب الْأَدَاء وَلَا خلاف أَن وجوب الْأَدَاء بِالْخِطَابِ فَمَا الَّذِي يكون وَاجِبا بِسَبَب الْوَقْت قُلْنَا الْوَاجِب بِسَبَب الْوَقْت مَا هُوَ الْمَشْرُوع نفلا فِي غير الْوَقْت الَّذِي هُوَ سَبَب للْوُجُوب وَبَيَان هَذَا فِي الصَّوْم فَإِنَّهُ مَشْرُوع نفلا فِي كل يَوْم وجد الْأَدَاء أَو لم يُوجد وَفِي رَمَضَان يكون مَشْرُوعا وَاجِبا بِسَبَب الْوَقْت سَوَاء وجد خطاب الْأَدَاء بِوُجُود شَرطه وَهُوَ التَّمَكُّن من الْأَدَاء أَو لم يُوجد أَلا ترى أَن من كَانَ مغمى عَلَيْهِ أَو نَائِما فِي وَقت الصَّلَاة ثمَّ أَفَاق بعد مُضِيّ الْوَقْت يصير مُخَاطبا بِالْأَدَاءِ لوُجُوبهَا عَلَيْهِ لوُجُود السَّبَب وَهُوَ الْوَقْت وَلَو كَانَ هَذَا الْمغمى عَلَيْهِ أَو النَّائِم غير بَالغ ثمَّ بلغ بعد مُضِيّ الْوَقْت ثمَّ أَفَاق وانتبه لم يكن عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا وَقد صَار مُخَاطبا عِنْد الْإِفَاقَة فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِصفة وَاحِدَة وَلَكِن لما انعدمت الْأَهْلِيَّة عِنْد وجود السَّبَب لم يثبت الْوُجُوب فِي حَقه فَلَمَّا وجدت الْأَهْلِيَّة فِي الْفَصْل الأول ثَبت الْوُجُوب وَمن بَاعَ بِثمن مُؤَجل فالثمن يجب بِنَفس العقد وَالْخطاب بِالْأَدَاءِ مُتَأَخّر إِلَى مُضِيّ الْأَجَل فَهَذَا مثله

وَسبب وجوب الصَّوْم شُهُود الشَّهْر فِي حَال قيام الْأَهْلِيَّة وَلِهَذَا أضيف إِلَى الشَّهْر شرعا ويتكرر بِتَكَرُّر الشَّهْر وَلم يجب الْأَدَاء قبل وجود الشَّهْر وَجَاز بعد وَإِن كَانَ الْأَدَاء مُتَأَخِّرًا كَمَا فِي حق الْمَرِيض وَالْمُسَافر فَإِن الْأَمر بِالْأَدَاءِ فِي حَقّهمَا بعد إِدْرَاك عدَّة من أَيَّام أخر وَالْوُجُوب ثَابت فِي الشَّهْر بتقرر سَببه حَتَّى لَو صاما كَانَ ذَلِك فرضا أَلا ترى أَن من كَانَ مُسَافِرًا الصَّوْم وَلَو كَانَ بَالغا فِي رَمَضَان مُسَافِرًا لزمَه الْأَدَاء إِذا صَار مُقيما وحالهما عِنْد الْإِقَامَة بِصفة وَاحِدَة فَعرفنَا أَن الْوُجُوب ثَبت فِي حق أَحدهمَا بتقرر سَببه دون الآخر

وَبَيَان مَا قُلْنَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه} مَعْنَاهُ فِي رَمَضَان غير بَالغ ثمَّ صَار مُقيما بَعْدَمَا بلغ

<<  <  ج: ص:  >  >>