لا يخفِضُونَ نزيعاً حل رَبْعهُمُ ... بل ينصبون بأنعام وإنعام
فيها الأذانُ وفيها للطِعانِ مَعاً ... مذ يُعرفون بأعلام وإعلام
لا يسبقون إلى العلياءِ إذ سَبَقوا ... كلَّ الأنام بأقدامٍ وإقدام
قالَ: فطفقتُ تدورُ لدينا فواكِهُ مفاكهاتِهم، وتسيرُ إلينا مناسمُ مناسماتِهم، ونحنُ نمرج في مروج افتنانِهم ونمرحُ، ونسرجُ عناجيجَ المَرَح، بلا حبِ إحسانِهم ونسرحُ، حتى صرنا مِنهم كاللازم من الملزوم، واتصلْنا بِهم اتصالَ الحازم بالحيزوم، وبينما نحنُ نشمخُ بشامخَ ذاك الحُدورِ، ونسمحُ بكاملِ بدورِتِيكَ الخدورِ، إذ عنَّ للخواطرِ، الطلوعُ بالعطر الماطر إلى الظواهر، بالقصفِ الظاهرِ، مشفوعاً بالقناني، والرحيق القاني، ولمّا بركتْ بنا أيانقُ القعودِ، وزمجرتْ علينا أسودُ الرعودِ، وأخذتِ السماءُ في الانتقابِ، وجعلت الشمسُ تنظرُ من خِلال النقاب، وسلّتْ سيوفُ السحبِ على مَدَرِها، فسالت أوديةٌ بقدرِها، أقبلتُ أفكِّرُ في الدرانكِ السُندسيّةِ، والطنافس السونيّةِ، ومدائنِ المنادمةِ مفتّحةَ الحصونِ، والطيرُ يشدو لرَقْص أعطافِ الغُصون، والغلائلُ تعبَثُ بها أيدي النسيمِ، والزهرُ قد عَمَّمِ رؤوسَ التسنيمِ، والبهارُ كالعاشقِ في انتظاره، والعبهر يبهر بلجينه ونضاره، والجسد فوق زلال مائه، كالعلم الراقي على ملائه، والسفنُ ترقُصُ على تصفيقِ الماءِ، رقص الغواني في إيقاع الغناءِ، والبقعةُ مع لُطفِ جَهْرِها والسِّوادِ، كالعروس المجلوةِ في السّوادِ: البسيط:
كأنّها مِزْهَرٌ في حِجْر غانيةٍ ... موصوفةٍ بغناءِ طائل الطَرَب
أو غاده لَبسَتْ غِربيب حُلّتِها ... من غير ما حَزنٍ منْها ولا حرَب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute