علم التَّوْحِيد علم يعْنى بِمَعْرِِفَة الله تَعَالَى وَالْإِيمَان بِهِ، وَمَعْرِفَة مَا يجب لَهُ سُبْحَانَهُ وَمَا يَسْتَحِيل عَلَيْهِ وَمَا يجوز سَائِر مَا هُوَ من أَرْكَان الْإِيمَان السِّتَّة وَيلْحق بهَا وَهُوَ أشرف الْعُلُوم وَأَكْرمهَا على الله تَعَالَى لِأَن شرف الْعلم يتبع شرف الْمَعْلُوم لَكِن بِشَرْط أَن لَا يخرج عَن مَدْلُول الْكتاب وَالسّنة الصَّحِيحَة وَإِجْمَاع الْعُدُول وَفهم الْعُقُول السليمة فِي حُدُود الْقَوَاعِد الشَّرْعِيَّة وقواعد اللُّغَة الْعَرَبيَّة الأصيلة
لقد أنزل الله تَعَالَى الْقُرْآن على الْعَرَب وَغَيرهم بِلِسَان الْعَرَب وأسلوبهم وبيانهم مَعَ إعجازه هُوَ دون كَلَامهم ففهموه وعقلوا مَعَانِيه وَفسّر لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعض مَا احتاجوا إِلَى تَفْسِيره مِنْهُ
وتحدث إِلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أسلوب الْعَرَب وبيانهم فِيمَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآن الْكَرِيم شرحا وبيانا تقريرا وتفسيرا تَخْصِيصًا وتقييدا كَمَا تحدث بمسائل وَأَحْكَام لم تأت فِي كتاب الله تَعَالَى ففهموا ذَلِك مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعقلوه
ثمَّ حِين دخل فِي الْإِسْلَام غير الْعَرَب لُغَة وجنسا وخفى عَلَيْهِم بعض أساليب الْقُرْآن الْكَرِيم وأعاريبه ومعاني بعض أَلْفَاظه ومقاصدها وَأخذت سليقة الْعَرَبيَّة فِي الْفساد عِنْد بعض الْعَرَب فَدخل لُغَة الْجمع من الطَّرفَيْنِ اللّحن وَالْخَطَأ ألهم الله تَعَالَى عمر وعليا رَضِي الله عَنْهُمَا بالتوجه إِلَى تَقْرِير قَوَاعِد الْعَرَبيَّة وأعاريبها فَظهر علم النَّحْو ثمَّ ظَهرت سَائِر عُلُوم الْعَرَبيَّة من صرف وبلاغة ورتبت عُلُوم الْعَرَبيَّة واتسعت وتعددت موضوعاتها حَتَّى أضحى علم الْعَرَبيَّة علما لَهُ قَوَاعِده وأصوله وأساليبه وميادينه وأغراضه ومراميه وَله أَهله وأساتذته وَظَهَرت بِقصد خدمَة كِتَابه الْقُرْآن الْكَرِيم خَاصَّة نقط بعض الْحُرُوف وَوَصلهَا وشكلها وَفصل الْآي والتحزيب وَمَا إِلَى ذَلِك فَكَانَت بذلك الْفَائِدَة الْعُظْمَى فِي حفظ اللُّغَة الْعَرَبيَّة وخدمة كتابها الأول والأعظم