للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَاعْلَم أَن الجحدة طعنوا فِي قصَّة مُوسَى هَذِه وَفِي رِوَايَتهَا ونقلها وَقَالُوا كَيفَ جَازَ لنَبِيّ أَن يفعل ذَلِك مَعَ ملك أرْسلهُ الله إِلَيْهِ ويستعصي عَلَيْهِ وَلَا يمتثل أَمر الله تَعَالَى وَكَيف سَاغَ للْملك أَن يُؤَخِّرهُ لَا يمْضِي أَمر الله تَعَالَى فِيهِ وكل ذَلِك خَارج عَن الْعَادة فِي أمثالهم وَسَببه تطريق الاستحالة مِنْهُم

وَجَوَاب ذَلِك أَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام بشر يكره الْمَوْت لما فِي طباع البشرية من كراهيته فَلَمَّا رأى صُورَة بشرية هجمت عَلَيْهِ من غير إِذن تُرِيدُ نَفسه وَظهر لَهُ مِنْهُ ذَلِك وَهُوَ لَا يعرفهُ وَلَا يتَيَقَّن أَنه ملك الْمَوْت وَكَانَ فِيهِ عَلَيْهِ السَّلَام شهامة وحدة عمد إِلَى دَفعه عَن نَفسه بِيَدِهِ وَكَانَ فِي ذَلِك ذهَاب عينه

وَقد جرت شرائع الله تَعَالَى بِحِفْظ النُّفُوس وَدفع الضَّرَر عَنْهَا

وَقد امتحن غير وَاحِد من الْأَنْبِيَاء بِدُخُول الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم فِي صُورَة الْبشر كإبراهيم وَدَاوُد وَلُوط عَلَيْهِم السَّلَام وَتبين لَهُم بعد ذَلِك أَنهم مَلَائِكَة وَكَذَلِكَ نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما جَاءَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فِي أول الْوَحْي وَلما جَاءَهُ ثَانِيًا وَسَأَلَهُ عَن الْإِيمَان فِي صُورَة رجل فَلَمَّا ذهب وَتبين أمره أخبر أَنه جِبْرِيل وَكَذَلِكَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لما تبين أَن الَّذِي جَاءَهُ ملك استسلم لأمر الله تَعَالَى

فالتردد هُنَا تَمْثِيل وتقريب لفهم السَّامع وَالْمرَاد بِهِ الْأَسْبَاب والوسائط لِأَن البداء والتردد على الله تَعَالَى محَال

الحَدِيث السَّادِس

عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا تصدق أحد بصدقه من طيب وَلَا يقبل الله إِلَّا الطّيب إِلَّا أَخذهَا الرَّحْمَن بِيَمِينِهِ وَإِن كَانَت تَمْرَة فتربو فِي كف الرَّحْمَن حَتَّى تكون أعظم من الْجَبَل وَعنهُ أَيْضا يَمِين الله ملأى لَا يغيضها نَفَقَة سحاء اللَّيْل وَالنَّهَار

<<  <   >  >>