من لَا يُؤمن بِاللَّه تَعَالَى اخْتِيَارا فيفوز بسعادة الدُّنْيَا وَالْآخِرَة يُؤمن بِهِ عملا وضرورة فجسمه وحواسه وقوته وَضَعفه وسقمه وشيخوخته وَمَوته كل ذَلِك يخضع لنظام وَضعه الله تَعَالَى لَهُ وَلَا يُمكن لذَلِك الْإِنْسَان الكنود أَن يخرج على ذَلِك النظام بِحَال
وَلَا عجب أَن يَقُول الله تَعَالَى بعد ذَلِك فِي الْإِنْسَان الْكَافِر {إِن شَرّ الدَّوَابّ عِنْد الله الصم الْبكم الَّذين لَا يعْقلُونَ وَلَو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم وَلَو أسمعهم لتولوا وهم معرضون} لَكِن الله تَعَالَى غيب لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار وَلَا تحيط بِهِ الْعُقُول وَلَوْلَا أَنه سُبْحَانَهُ عرف عباده على نَفسه مَا عرفوه كَمَا هُوَ لقد عرف الله تَعَالَى عباده على نَفسه من خلال أَسْمَائِهِ وَصِفَاته وَلَوْلَا تَعْرِيفه نَفسه بذلك إِلَى خلقه مَا عرفوه سُبْحَانَهُ كَمَا هُوَ لذا كَانَ من الْخَطَأ والخطر والمجازفة وَالْخُرُوج على الْحُدُود أَن يَقُول الْإِنْسَان فِي حق الله تَعَالَى سوى مَا قَالَ عَن نَفسه فَلَا يُسَمِّيه سُبْحَانَهُ بسوى مَا سمى بِهِ نَفسه أَو سَمَّاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْأَسْمَاء وَلَا يُسَمِّيه طبيعة وَلَا رَحْمَة وَلَا سَمَاء وَلَا غيبا وَلَا وَالِد وَلَا ولد لَا مهندسا للكون وَلَا عَارِفًا وَلَا يصفه كَذَلِك بسوى مَا وصف بِهِ نَفسه أَو وصف بِهِ رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الصِّفَات وَلَا يصفه بالجرأة والتعلم وَالْحَاجة والتعب والراحة والندم والبكاء وَلَا بالتبدل من حَال إِلَى حَال والانتقال من مَكَان إِلَى مَكَان لَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير الشورى ١١
وَإِذا كَانَ الله تَعَالَى كَمَا قَالَ لَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير فَحق على الْمُؤمن أَن يقف عِنْد حُدُود مَا ذكر لَهُ فِي ذَلِك فِي الْقُرْآن وَالسّنة الصَّحِيحَة ويؤمن بِاللَّه تَعَالَى وأسمائه وَصِفَاته دون محاولة تَشْبِيه الله تَعَالَى بخلقه أَو تَشْبِيه اُحْدُ من خلقه بِهِ سُبْحَانَهُ {قل هُوَ الله أحد الله الصَّمد لم يلد وَلم يُولد وَلم يكن لَهُ كفوا أحد} سُورَة الْإِخْلَاص
ثمَّ يحِيل مَا يَتْلُو من نُصُوص متشابهات فِي صِفَات الله تَعَالَى إِلَى النُّصُوص الواضحات