اعْلَم أَن إِجْرَاء هَذَا الحَدِيث وَنَحْوه على ظَاهره محَال على الله لأدلة عقلية ونقلية تَقْتَضِي رده وَضَعفه أَو تَأْوِيله لَا محَالة
فَإِذا امْتنع رده للإتفاق على صِحَّته تعين وجوب تَأْوِيله بِمَا يَلِيق بحلال الله تَعَالَى وبصدق الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصدق الروَاة
أما لفظ الْقدَم فَقَالَ الْحسن الْقدَم هَهُنَا هم الَّذين تقدم علم الله بِأَنَّهُم من أهل النَّار وَقَالَ النَّضر بن شُمَيْل الَّذين قدمهم الله وقدرهم لَهَا من شرار خلقه وَقَالَ النَّضر بن شُمَيْل هم الْكفَّار وَقَالَ الْأَزْهَرِي الْقدَم الَّذين تقدم القَوْل عَلَيْهِم بتخليدهم فِيهَا نَعُوذ بِاللَّه مِنْهَا فالقدم اسْم لما قدم وَالْهدم لما هدم وَالْقَبْض اسْم لما قبض وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {أَن لَهُم قدم صدق عِنْد رَبهم} أَي مَا قدموه من صَالح الْعَمَل
وَقيل الْقدَم جمع قادم كغيب جمع غَائِب وَيُؤَيّد مَا قَالُوهُ قَوْله فِي تَمام الحَدِيث وَأما الْجنَّة فينشيء الله لَهَا خلقا فاتفق الْمَعْنى فِي الدَّاريْنِ وَهُوَ أَن كل وَاحِدَة مِنْهُمَا تمد بِزِيَادَة من أَهلهَا تمتلىء بهَا وَأما رِوَايَة رجله فَهُوَ إِمَّا من تخييل الرَّاوِي رَوَاهُ بِالْمَعْنَى فَأَخْطَأَ فِيهِ وَإِمَّا أَن الرجل عبارَة عَن جمع كثير كَقَوْلِهِم رجل من جَراد إِذا كَانَ كثيرا منتشرا وَمَعْنَاهُ يضع فِيهَا خلقا كثيرا يشبهون الْجَرَاد فِي كثرتهم وَأما من جعل الْقدَم وَالرجل صفة زَائِدَة لَا ندرى مَا هِيَ فقد تقدم الْكَلَام فِيهِ