السائر المعتدل سنة وَاحِدَة أَو أقل مِنْهَا قَلِيلا وَهُوَ قطر الأَرْض من سطحها الَّذِي يَلِي الْهَوَاء إِلَى سطحها الَّذِي يَلِي المَاء وَهَذَا يعرفهُ وَيقطع بِهِ من علم علم الْهَيْئَة ويدركه بحقيقته أَيْضا من سَافر من الشَّام أَو مصر أَو الْعرَاق إِلَى مَكَّة بحاسة النّظر وَالْعقل إِذا شَرحه لَهُ عَالم بذلك وَبَين لَهُ بِالْمُشَاهَدَةِ
وَلَقَد اعْتبرت ذَلِك فِي سَفَرِي إِلَى الْحجاز غير مرّة
ثمَّ إِنَّه فِي حَدِيث الْعَبَّاس الَّذِي قبل هَذَا جعل بَين كل سَمَاء وسماء إِحْدَى أَو اثْنَتَيْنِ أَو ثَلَاثًا وَسبعين سنة وَفِي سنَن ابْن مَاجَه قريب من ذَلِك
فَلْينْظر النَّاظر مَا بَين هَاتين الرِّوَايَتَيْنِ من التَّفَاوُت الْعَظِيم وليستدل بِهِ على مَا أحدثه الجهلة وَأهل الْبدع والزنادقة وأعداء الدّين من الْكَذِب على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليقدحوا بذلك فِي الدّين وليضعوا بذلك رُتْبَة أهل الحَدِيث عِنْد الْعُقَلَاء وَأهل النّظر