للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

النَّاس يصيرون يَوْم الْقِيَامَة جثا جماعات أمة تتبع نبيها تَقول يَا فلَان اشفع حَتَّى تَنْتَهِي الشَّفَاعَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذَلِك يَوْم يَبْعَثهُ الله الْمقَام الْمَحْمُود وَذكر الْقُرْطُبِيّ خمس شفاعات للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ القَوْل الثَّانِي إِن الْمقَام الْمَحْمُود إِعْطَاؤُهُ لِوَاء الْحَمد يَوْم الْقِيَامَة قلت وَهَذَا القَوْل لَا تنافر بَينه وَبَين الأول فَإِنَّهُ يكون بِيَدِهِ لِوَاء الْحَمد ويشفع روى التِّرْمِذِيّ عَن أبي سعيد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنا سيد ولد آدم يَوْم الْقِيَامَة وَلَا فَخر وَبِيَدِي لِوَاء الْحَمد وَلَا فَخر وَمَا من نَبِي يَوْمئِذٍ آدم فَمن سواهُ إِلَّا تَحت لِوَائِي الجديث

القَوْل الثَّالِث مَا حَكَاهُ الطَّبَرِيّ عَن فرقة مِنْهَا مُجَاهِد أَنَّهَا قَالَت الْمقَام الْمَحْمُود هُوَ أَن يجلس الله تَعَالَى مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَه على كرسيه وروت فِي ذَلِك حَدِيثا هُوَ حَدِيث عَائِشَة وَتقدم أَنه لَا يَصح وعضد الطَّبَرِيّ جَوَاز ذَلِك بشطط من القَوْل وَهُوَ لَا يخرج إِلَّا على تلطف فِي الْمَعْنى وَفِيه بعد وَلَا يُنكر مَعَ ذَلِك أَن يرْوى وَالْعلم يتأوله وَذكر النقاش عَن أبي دَاوُد السجسْتانِي أَنه قَالَ من أنكر هَذَا الحَدِيث فَهُوَ عندنَا مُتَّهم مَا زَالَ أهل الْعلم يتحدثون بِهَذَا من أنكر جَوَازه على تَأْوِيله قَالَ أَبُو عمر وَمُجاهد وَإِن كَانَ أحد الْأَئِمَّة يتَأَوَّل الْقُرْآن فَإِن لَهُ قَوْلَيْنِ مهجورين عِنْد أهل الْعلم أَحدهمَا هَذَا وَالثَّانِي فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى {وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة إِلَى رَبهَا ناظرة} قَالَ تنْتَظر الثَّوَاب لَيْسَ من النّظر قلت ذكر هَذَا فِي بَاب ابْن شهَاب فِي حَدِيث التَّنْزِيل وَرُوِيَ عَن مُجَاهِد أَيْضا فِي هَذِه الْآيَة قَالَ يجلسه على الْعَرْش وَهَذَا تَأْوِيل غير مُسْتَحِيل لِأَن الله تَعَالَى كَانَ قبل خلقه الْأَشْيَاء كلهَا وَالْعرش قَائِما بِذَاتِهِ ثمَّ خلق الْأَشْيَاء من غير حَاجَة إِلَيْهَا بل إِظْهَارًا لقدرته وحكمته وليعرف وجوده وتوحيده وَكَمَال قدرته وَعلمه بِكُل أَفعاله المحكمة وَخلق لنَفسِهِ عرشا اسْتَوَى عَلَيْهِ كَمَا شَاءَ من غير أَن صَار مماسا لَهُ أَو كَانَ الْعَرْش لَهُ مَكَانا قيل هُوَ الْآن على الصّفة الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا من قبل أَن يخلق الْمَكَان وَالزَّمَان فعلى هَذَا القَوْل سَوَاء فِي الْجَوَاز أقعد مُحَمَّد على الْعَرْش أَو على الأَرْض لِأَن اسْتِوَاء الله تَعَالَى على الْعَرْش لَيْسَ بِمَعْنى الِانْتِقَال والزوال وتحويل الْأَحْوَال من الْقيام وَالْقعُود وَالْحَال الَّتِي تشغل الْعَرْش بل هُوَ مستو على عَرْشه كَمَا أخبر

<<  <   >  >>