- صلى الله عليه وسلم -، وهو عمل اليد وإن كان زراعا فهو أطيب المكاسب وأفضلها لأنه عمل يده ولأن فيه توكلا كما ذكره الماوردي ولأن فيه نفعا عاما للمسلمين والدواب ولأنه لابد في العادة أن يوكل منه بغير عوض فيحصل له أجر وإن لم يكن ممن يعمل بيده بل تعمل غلمانه وأجراؤه فاكتسب به فالزراعة أفضل لما ذكرناه، وقد ثبت عن جابر قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "ما من مسلم يغرس غرسا إلا كان ما أكل منه له صدقه" وقال في الروضة بعد ذكره الحديث المتقدم: فهذا صريح في ترجيم الزراعة والصنعة لكونهما من عمل يده ولكن الزراعة أفضلهما لعموم النفع بها للآدمي وغيره وعموم الحاجة إليها (١) واللّه أعلم.
٢٦٠٥ - وَعَن أنس - رضي الله عنه - أَن رجلًا من الأنصَار أَتَى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَألَهُ فَقَالَ أما فِي بَيْتك شَيْء قَالَ بلَى حلْس نلبس بعضه ونبسط بعضه وَقَعْب نشرب فِيهِ من المَاء قَالَ ائْتِنِي بهما فَأَتَاهُ بهما فَأَخذهُمَا رَسُول اللّه - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ وَقَالَ من يَشْتَرِي هذَيْن قَالَ رجل أَنَا آخذهما بدرهم قَالَ رَسُول اللّه - صلى الله عليه وسلم - من يزِيد على دِرْهَم مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا قَالَ رجل أَنا آخذهما بِدِرْهَمَيْنِ فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاه فَأَخذ الدرهمين فَأَعْطَاهُمَا الأَنْصَارِيّ وَقَالَ اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَاما فانبذه إِلَى أهلك واشتر بِالآخرِ قدومًا فائتني بِهِ فَأتَاهُ بِهِ فَشد فِيهِ رَسُول اللّه - صلى الله عليه وسلم - عودا بِيَدِهِ ثمَّ قَالَ اذْهَبْ فاحتطب وبع وَلَا أرينك خَمْسَة عشر يَوْمًا فَفعل فجَاء وَقد أصَاب عشرَة دَرَاهِم فَاشْترى بِبَعْضهَا ثوبا وببعضها طَعَاما فَقَالَ لَهُ رَسُول اللّه - صلى الله عليه وسلم - هَذَا خير لَك من أَن تَجِيء الْمَسْأَلَة نُكْتَة فِي وَجهك يَوْم الْقِيَامَة الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو