مَا مقصودنا إِلَّا حفظ الْعِيَال وَمَا يُمكن إرسالهم مَعَ غَيرنَا وهم يكذبُون فقد كَانَ يُمكنهُم جعلهم فِي حصن دمشق لودنا الْعَدو كَمَا فعل الْمُسلمُونَ على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد كَانَ يُمكنهُم إرسالهم وَالْمقَام للْجِهَاد فَكيف بِمن فر بعد إرْسَال عِيَاله
قَالَ الله تَعَالَى {وَلَو دخلت عَلَيْهِم من أقطارها ثمَّ سئلوا الْفِتْنَة لآتوها وَمَا تلبثوا بهَا إِلَّا يَسِيرا} فَأخْبر أَنه لَو دخلت عَلَيْهِم الْمَدِينَة من جوانبها ثمَّ طلبت مِنْهُم الْفِتْنَة وَهِي الافتنان عَن الدّين بالْكفْر أَو النِّفَاق لأعطوا الْفِتْنَة ولجاءوها من غير توقف
وَهَذِه حَال أَقوام لَو دخل عَلَيْهِم هَذَا الْعَدو الْمُنَافِق المجرم ثمَّ طلب مِنْهُم مُوَافَقَته على مَا هُوَ عَلَيْهِ من الْخُرُوج عَن شَرِيعَة الْإِسْلَام وَتلك فتْنَة عَظِيمَة لكانوا مَعَه على ذَلِك كَمَا ساعدهم فِي الْعَام الْمَاضِي أَقوام بأنواع من الْفِتْنَة فِي الدّين وَالدُّنْيَا مَا بَين ترك وَاجِبَات وَفعل مُحرمَات إِمَّا فِي حق الله وَإِمَّا فِي حق الْعباد كَتَرْكِ الصَّلَاة وَشرب الْخُمُور وَسَب السّلف وَسَب جنود الْمُسلمين والتجسس لَهُم على الْمُسلمين ودلالتهم على أَمْوَال الْمُسلمين وحريمهم وَأخذ أَمْوَال النَّاس وتعذيبهم وتقوية دولتهم الملعونة وإرجاف قُلُوب الْمُسلمين مِنْهُم إِلَى غير ذَلِك من أَنْوَاع الْفِتْنَة
ثمَّ قَالَ تَعَالَى {وَلَقَد كَانُوا عَاهَدُوا الله من قبل لَا يولون الأدبار وَكَانَ عهد الله مسؤولا}