أَنَّ الْقَلِيلَ مَعَ الإِصْلاحِ كَثِيرٌ وَالْكَثِيرُ مَعَ الْفَسَادِ قَلِيلٌ فَالْزَمِ السُّوقَ وَكُنْ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُهَا وَآخِرَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْهَا وَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَدْخُلَهَا سَحَرًا بِلَيْلٍ فَافْعَلْ فَإِنَّكَ تَسْتَفِيدُ بِذَلِكَ فَوَائِدَ تَكْشِفُهَا لَكَ الأَيَّامُ
وَمَاتَ فَأَنْفَذْتُ وَصِيَّتَهُ وَعَمِلْتُ بِمَا أَشَارَ بِهِ وَكُنْتُ أَدْخُلُ السُّوقَ سَحَرًا وَأَخْرُجُ مِنْهُ عَشِيًا فَلا أُعْدَمُ مَنْ يَجِيئُنِي يَطْلُبُ كَفَنًا فَلا يَجِدُ مَنْ فَتَحَ غَيْرِي فَأَحْكُمُ عَلَيْهِ وَمَنْ يَبِيعُ شَيْئًا وَالسُّوقُ لَمْ يَقُمْ فَأَبِيعُهُ لَهُ وَأَشْيَاءَ مِنْ صِنْفِ هَذِهِ الْفَوَائِدِ
وَمَضَى عَلَى لُزُومِي السُّوقَ سَنَةٌ وَكَسْرُ فَصَارَ لِي بِذَلِكَ جَاهٌ عِنْدَ أَهْلِهَا وَعَرَفُوا اسْتِقَامَتِي فَأَكْرَمُونِي فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ يَوْمًا وَلَمْ يَتَكَامَلَ السُّوقُ إِذَا بِامْرَأَةٍ رَاكِبَةٍ حِمَارًا مِصْرِيًّا وَعَلَى كَفَلِهِ مِنْدِيلٌ دَبِيقِيٌّ وَخَادِمٌ وَهِيَ بِزِيِّ الْقَهْرَمَانَةِ فَبَلَغَتْ آخِرَ السُّوقِ ثُمَّ رَجَعَتْ فَنَزَلَتْ عِنْدِي فَقُمْتُ إِلَيْهَا وَأَكْرَمْتُهَا وَقُلْتُ لَهَا مَا تَأْمُرِينَ وَتَأَمَّلْتُهَا فَإِذَا بِامْرَأَةٍ لَمْ أَرَ قَبْلَهَا وَلا بَعْدَهَا إِلَى الآنَ أَحْسَنَ مِنْهَا فِي كُلِّ شَيْءٍ فَتَكَلَّمَتْ وَقَالَتْ أُرِيدُ كَذَا وَأُرِيدُ كَذَا ثِيَابًا طَلَبَتْهَا فَسَمِعْتُ نَغَمَةً وَرَأَيْتُ شَكْلا قَتَلَنِي وَعِشْقُتَهَا فِي الْحَالِ أَشَدَّ الْعِشْقِ وَقُلْتُ اصْبِرِي حَتَّى يَخْرُجَ النَّاسُ فَآخُذَ لَكَ ذَلِكَ فَلَيْسَ عِنْدِي إِلا الْقَلِيلُ مِمَّا يَصْلُحُ لَكِ وَأَخْرَجْتُ الَّذِي كَانَ عِنْدِي
فَجَلَسَتْ تُحَادِثُنِي وَالسَّكَاكِينُ فِي فُؤَادِي مِنْ عِشْقِهَا وَكَشَفَتْ عَنْ أَنَامِلَ رَأْيُهَا كَالطَّلْعِ وَوَجْهٍ كَدَارَةِ الْقَمَرِ فَقُمْتُ لِئَلا يَزِيدَ عَلَيَّ الأَمْرُ وَأَخَذْتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute