لَهَا مِنَ السُّوقِ مَا أَرَادَتْ وَكَانَ ثَمَنُهُ مَعَ مَا هُوَ لي نَحْو خَمْسمِائَة دِينَارٍ فَأَخَذَتْهُ وَرَكِبَتْ وَلَمْ تُعْطِنِي شَيْئًا وَذَهَبَ عَنِّي لِمَا تَدَاخَلَنِي مِنْ شَهْوَتِهَا أَنْ أَمْنَعَهَا مِنَ الْمَتَاعِ إِلا بِالْمَالِ أَوْ أَسْتَدِّلُ مَنْزِلَهَا وَمَنْ دَارِ مَنْ هِيَ
فَحِينَ غَابَتْ عَنِّي وَقَعَ لِي أَنَّهَا مُحْتَالَةٌ وَأَنَّ ذَلِكَ سَبَبُ فَقْرِي فَتَحَيَّرْتُ فِي أَمْرِي وَقَامَتْ قِيَامَتِي وَكَتَمْتُ خَبَرِي لِئَلا أَفْتَضِحَ بِمَا لِلنَّاسِ عَلَيَّ وَعَمِلْتُ عَلَى بَيْعِ مَا فِي يَدِي مِنَ الْمَتَاعِ وَإِضَافَتِهِ إِلَى مَا عِنْدِي مِنَ الدَّرَاهِمِ وَدَفْعِ أَمْوَالِ النَّاسِ إِلَيْهِمْ وَلُزُومِ الْبَيْتِ وَالاقْتِصَارِ عَلَى غَلَّةِ الْعَقَارِ الَّذِي وَرِثْتُهُ وَوَطَّنْتُ نَفْسِي عَلَى الْمِحْنَةِ وَأَخَذْتُ أَشْرُعُ فِي ذَلِكَ مُدَّةَ أُسْبُوعٍ فَإِذَا بِهَا قَدْ نَزَلَتْ عِنْدِي
فَحِينَ رَأَيْتُهَا أُنْسِيتُ جَمِيعَ مَا جَرَى عَلَيَّ وَقُمْتُ إِلَيْهَا فَقَالَتْ يَا فَتًى تَأَخَّرْنَا عَنْكَ لِشُغْلٍ عَرَضَ لَنَا وَمَا شَكَكْنَا فِي أَنَّكَ لَمْ تَشُكَّ أَنَّا احْتَلْنَا عَلَيْكَ فَقُلْتُ قَدْ رَفَعَ اللَّهُ قَدْرَكِ عَنْ هَذَا فَقَالَتْ هَاتِ التَّخْتَ والطيار فأحضرته فَأَخْرَجَتْ دَنَانِيرَ عُتْقًا فَوَفَّتْنِي الْمَالَ بِأَسْرِهِ وَأَخْرَجَتْ تَذْكَرَةً بِأَشْيَاءٍ أُخَرَ فَأَنْفَذْتُ إِلَى التُّجَّارِ أَمْوَالَهُمْ وَطَلَبْتُ مِنْهُمْ مَا أَرَادَتْ وَحَصَّلْتُ أَنَا فِي الْوَسَطِ رِبْحًا جَيِّدًا وَأَحْضَرَ التُّجَّارُ الثِّيَابَ فَقُمْتُ وَثَمَّنْتُهَا مَعَهُمْ لِنَفْسِي ثُمَّ بِعْتُهَا عَلَيْهَا بِرِبْحٍ عَظِيمٍ وَأَنَا فِي خِلالِ ذَلِكَ أَنْظُرُ إِلَيْهَا نَظَرَ تَالِفٍ مِنْ حُبِّهَا وَهِيَ تَنْظُرُ إِلَيَّ نَظَرَ مَنْ قَدْ فَطِنَتْ بِذَلِكَ وَلَمْ تُنْكِرْهُ فَهَمَمْتُ بِخِطَابِهَا وَلَمْ أَقْدِرْ أُقْدِمْ فَاجْتَمَعَ الْمَتَاعُ وَكَانَ ثَمَنُهُ أَلْفَ دِينَارٍ فَأَخَذَتْهُ وَرَكِبَتْ وَلَمْ أَسْأَلْهَا عَنْ مَوْضِعِهَا فَلَمَّا غَابَتْ عَنِّي قُلْتُ هَذَا الآنَ هُوَ الْحِيلَة المحكمة أعطتني خَمْسمِائَة دِينَارٍ وَأَخَذَتْ أَلْفَ دِينَارٍ وَلَيْسَ إِلا بَيْعُ عَقَارِي الآنَ وَالْحُصُولُ عَلَى الْفَقْرِ الْمُدْقِعِ
ثُمَّ سَمِحَتْ نَفْسِي بِرُؤْيَتِهَا مَعَ الْفَقْرِ وَتَطَاوَلَتْ غَيْبَتَهَا نَحْوَ شَهْرٍ وَأَلَحَّ التُّجَارُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute