فَحَدَّثَهُ مَرَّةً بَعْضُ أَهْلِهِ بِحَدِيثٍ ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْهُ فِي غَدٍ فَلَمْ يَعْرِفْهُ فَقَالَ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ فَقَالَ
إِنِّي لأَجْلِسُ فِي النَّادِي أُحَدِّثُهُمْ ... فَأَسْتَفِيقُ وَقَدْ غَالَتْنِيَ الْغُوَلُ
يَهْوِي بِقَلْبِي حَدِيثُ النَّفْسِ دُونَكُمُ ... حَتَّى يَقُولَ خَلِيلِي أَنْتَ مَخْبُولُ
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فَتَزَايَدَ الأَمْرُ بِهِ حَتَّى فَقَدْ عَقْلَهُ فَكَانَ لَا يَقَرُّ فِي مَوْضِعٍ وَلا يُؤْوِيهِ رَحْلٌ وَلا يَعْلُوهُ ثَوْبٌ إِلا مَزَّقَهُ وَصَارَ لَا يَفْهَمُ شَيْئًا مِمَّا يُكَلَّمُ بِهِ إِلا أَنْ تُذْكَرَ لَهُ لَيْلَى فَإِذَا ذُكِرَتْ أَجَابَ النِّدَاءَ بِهِ وَرَجَعَ عَقْلُهُ
أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ رَوَى رَبَاحُ بْنُ حَبِيبٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ قَالَ لَمَّا كَثُرَ ذِكْرُ الْمَجْنُونِ لِلَيْلَى وَاشْتَهَرَ أَمْرُهُ اجْتَمَعَ إِلَى أَبِيهِ أَهْلُهُ وَكَانَ سَيِّدًا فَقَالُوا لَهُ زَوِّجْ قَيْسًا فَإِنَّهُ سَيَكُفُّ عَنْ ذِكْرِ لَيْلَى وَيَنْسَاهَا فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَبُوهُ التَّزْوِيجَ فَأَبَى وَقَالَ لَا حَاجَةَ لِي إِلَى ذَلِكَ فَأَتَى لَيْلَى بَعْضُ فِتْيَانِ الْقَوْمِ مِمَّنْ كَانَ يَحْسُدُ قَيْسًا وَيُعَادِيهِ فَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَ
وَجَاءَ الْمَجْنُونُ كَمَا كَانَ يَجِيءُ فَحَجَبَتْهُ وَلَمْ تَظْهَرْ لَهُ فَرَجَعَ وَهُوَ يَقُولُ
فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي عَلامَ هَجَرْتِنِي ... وَأَيَّ أُمُورِي فِيكِ يَا لَيْلُ أَرْكَبُ
أَأَقْطَعُ حَبْلَ الْوَصْلِ فَالْمَوْتُ دُونَهُ ... أَمْ اشْرَبُ رَنْقًا مِنْكُمُ لَيْسَ يُشْرَبُ
أَمْ أهرب حَتَّى لايرى لِي مُجَاوِرٌ ... أَمْ افْعَلُ مَاذَا أَمْ أَبُوحُ فَأُغْلَبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute