فَلَمَّا رَأَى أَبُوهُ ذَلِكَ حَلَّ قَيْدَهُ وَخَلَّاهُ فَكَانَ يَدُورُ فِي فَيَافِيهِمْ عُرْيَانًا وَيَلْعَبُ بِالتُّرَابِ وَكَانَتْ لَهُ دَايَةٌ لَمْ يَكُنْ يَأْنَسُ بِأَحَدٍ غَيْرَهَا وَكَانَتْ تَأْتِيَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ بِرَغِيفٍ وَمَاءٍ فَتَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَرُبَّمَا أَكَلَهُ وَرُبَّمَا تَرَكَهُ وَلَمْ يَأْكُلْهُ
أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَ أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنِي شُعَيْبُ بْنُ السَّكَنِ عَنْ يُونُسَ النَّحْوِيِّ قَالَ لَمَّا اخْتَلَطَ قَيْسُ بْنُ الْمُلَوَّحِ وَزَالَ عَقْلُهُ وَامْتَنَعَ مِنَ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ صَارَتْ أُمُّهُ إِلَى لَيْلَى فَقَالَتْ لَهَا إِنَّ ابْنِي جُنَّ مِنْ أَجْلِكِ وَذَهَبَ حُبُّكِ بِعَقْلِهِ وَقَدِ امْتَنَعَ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَإِنْ رَأَيْتِ أَنْ تَصِيرِي مَعِي إِلَيْهِ فَلَعَلَّهُ إِذَا رَآكِ أَنْ يَسْكُنَ بَعْضُ مَا يَجِدُ فَقَالَتْ لَهَا أَمَّا نَهَارًا فَلا يُمْكِنُنِي ذَلِكَ فَإِنْ عَلِمَ أَهْلُ الْمَاءِ ذَلِكَ لَمْ آمَنْهُمْ عَلَى نَفْسِي وَلَكِنِّي سَأَصِيرُ إِلَيْهِ فِي اللَّيْلِ
فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ صَارَتْ إِلَيْهِ وَهُوَ مُطْرِقٌ يَهْذِي فَقَالَتْ لَهُ يَا قَيْسُ إِنَّ أُمَّكَ تَزْعُمُ أَنَّكَ جُنِنْتَ عَلَى رَأْسِي وَأَصَابَكَ مَا أَصَابَكَ قَالَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَنَظَرَ إِلَيْهَا وَتَنَفَّسَ الصَّعْدَاءَ وَأَنْشَأَ يَقُولُ
قَالَتْ جُنِنْتَ عَلَى رَأْسِي فَقُلْتُ لَهَا ... الْحُبُّ أَعْظَمُ مِمَّا بِالْمَجَانِينِ
الْحُبُّ لَيْسَ يُفِيقُ الدَّهْرَ صَاحِبُهُ ... وَإِنَّمَا يُصْرَعُ الْمَجْنُونُ فِي الْحِينِ
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى زِيَادَةٌ
لَوْ تَعْلَمِينَ إِذَا مَا غِبْتِ مَا سَقَمِي ... وَكَيْفَ تَسْهَرُ عَيْنِي لَمْ يَلُومُونِي
أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ وأَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا ابْنُ السَّرَّاجِ قَالا أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ عَائِشَةَ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute