للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَبِيهِ قَالَ وَلِيَ نَوْفَلُ بْنُ مُسَاحِقٍ صَدَقَاتِ كَعْبِ بْنِ رَبِيعَةَ فَنَزَلَ بِمَجْمَعٍ مِنْ تِلْكَ الْمَجَامِعِ فَرَأَى قَيْسَ بْنَ مُعَاذٍ الْمَجْنُونَ وَهُوَ يَلْعَبُ بِالتُّرَابِ فَدَنَا مِنْهُ فَكَلَّمَهُ فَجَعَلَ يُجِيبُهُ بِخِلافِ مَا يَسْأَلُ عَنْهُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِهِ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ يُكَلِمَكَ كَلامًا صَحِيحًا فَاذْكُرْ لَهُ لَيْلَى فَقَالَ لَهُ نَوْفَلُ أَتُحِبُّ لَيْلَى قَالَ نَعَمْ قَالَ فَحَدِّثْنِي حَدِيثَكَ مَعَهَا قَالَ فَجَعَلَ يَنْشُدُهُ شِعْرَهُ فِيهَا فَأَنْشَأَ يَقُولُ

وَشُغِلْتُ عَنْ فَهْمِ الْحَدِيثِ سِوَى ... مَا كَانَ فِيكِ فَأَنْتُمْ شُغُلِي

وَأُدِيمُ نَحْوَ مُحَدِّثِي لِيَرَى ... أَنْ قَدْ فَهِمْتُ وَعِنْدَكُمْ عَقْلِي

وَأَنْشَدَ

سَرَتْ فِي سَوَادِ الْقَلْبِ حَتَّى إِذَا انْتَهَى ... بِهَا السَّيْرُ وَارْتَادَتْ حِمَى الْقَلْبِ حَلَّتِ

فَلِلْعَيْنِ تِسْكَابٌ إِذَا الْقَلْبُ مَلَّهَا ... وَلِلْقَلْبِ وِسْوَاسٌ إِذَا الْعَيْنِ مَلَّتِ

وَوَاللَّهِ مَا فِي الْقَلْبِ شَيْءٌ مِنَ الْهَوَى ... لأُخْرَى سِوَاهَا أَكْثَرَتْ أَمْ أَقَلَّتِ

وَأَنْشَدَ

ذَكَرْتُ عَشِيَةَ الصَّدَفَيْنِ لَيْلَى ... وَكُلَّ الدَّهْرِ ذِكْرَاهَا جَدِيدُ

عَلَيَّ أَلِيَّةٌ إِنْ كُنْتُ أَدْرِي ... أَيَنْقُصُ حُبَّ لَيْلَى أَمْ يَزِيدُ

فَلَمَّا رَأَى نَوْفَلُ ذَلِكَ مِنْهُ أَدْخَلَهُ بَيْتًا وَقَيَّدَهُ وَقَالَ أُعَالِجُهُ فَأَكَلَ لَحْمَ ذَرَاعَيْهِ وَكَفَّيْهِ فَحَلَّهُ وَأَخْرَجَهُ

فَكَانَ يَأْوِي مَعَ الْوُحُوشِ وَكَانَ لَهُ دَايَةٌ رَبَّتْهُ صَغِيرًا وَكَانَ لَا يَأْلَفُ غَيْرُهَا وَلا يَقْرَبُ مِنْهُ أَحَدٌ سِوَاهَا فَكَانَتْ تَخْرُجُ فِي طَلَبِهِ فِي الْبَادِيَةِ وَتَحْمِلُ لَهُ الْخُبْزَ وَالْمَاءَ فَرُبَّمَا أَكَلَ بَعْضَهُ وَرُبَّمَا لَمْ يَأْكُلْ

<<  <   >  >>