قَالَ صَبَاحُ فَفَعَلْتُ الَّذِي أَوْصَانِي بِهِ الْفَتَى وَلَمْ أَزَلْ أَطْلُبُهُ حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَارُ فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ عُرْيَانٍ قَدْ سَقَطَ شَعْرُ رَأْسِهِ عَلَى حَاجِبَيْهِ وَإِذَا هُوَ قَدْ حَظَرَ حَظِيرَةً مِنْ تُرَابٍ وَهُوَ قَاعِدٌ فِي وَسَطِهَا وَإِلَى جَانِبِهِ أَحْجَارٌ وَهُوَ يُخَطِّطُ بِإِصْبِعِهِ فِي الأَرْضِ فَلَمَّا رَآنِي أَهْوَى إِلَى حَجَرٍ وَوَثَبَ لِيَقُومَ فَقَعَدْتُ نَاحِيَةً أَرْمِي بِبَصَرِي إِلَى غَيْرِهِ وَلا أَحْفَلُ بِهِ ثُمَّ إِنَّهُ رَجَعَ إِلَى عَبَثِهِ وَتَخْطِيطِهِ فَقُلْتُ لَهُ أَتَعْرِفُ لَيْلَى قَالَ بِأَبِي وَاللَّهِ هِيَ فَكَيْفَ لَا أَعْرِفُهَا
قُلْتُ لِلَّهِ قَيْسُ بْنُ ذُرَيْحٍ حَيْثُ يَقُولُ
وَإِنِّي لَمُفْنِ دَمْعَ عَيْنِيَ بِالْبُكَا ... حَذَارًا لِمَا قَدْ كَانَ أَوْ هُوَ كَائِنُ
وَقَالُوا غَدًا أَوْ بَعْدَ ذَاكَ بِلَيْلَةٍ ... فِرَاقُ حَبِيبٍ لَمْ يَبِنْ وَهُوَ بَائِنُ
وَمَا كُنْتُ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ مَنِيَّتِي ... بِكَفَّيْكِ إِلا أَنَّ مَا حُمَّ حَائِنُ
فَقَالَ أَنَا وَاللَّهِ أَشْعَرُ مِنْهُ حَيْثُ أَقُولُ
نَعَبَ الْغُرَابُ بِبِينَ لَيْلَى إِنَّهُ ... كَانَ الْكِتَابُ بِبَيْنِهِمْ مَخْطُوطَا
أَصْبَحْتُ مِنْ أَهْلِي الَّذِينَ أُحِبُّهُمْ ... كَالسَّهْمِ أَصْبَحَ رِيشُهُ مَمْرُوطَا
ثُمَّ وَثَبَ مُسْرِعًا إِلَى ظِبَاءٍ سَنَحَتْ لَهُ فَغَابَ عَنِّي فَتَبِعْتُهُ فَجَعَلْتُ أَقْفُو أَثَرَهُ إِلَى آخِرِ النَّهَارِ فَمَا وَقَعَتْ عَيْنِي عَلَيْهِ ثُمَّ غَدَوْتُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَجَعَلْتُ أَطُوفُ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْفَيَافِي حَتَّى إِذَا جَنَّنِي اللَّيْلُ انْصَرَفْتُ فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ طَلَبْتُهُ فَإِذَا أَنَا بِهِ عُرَيَانٌ بَيْنَ أَحْجَارٍ مَيِّتٌ
أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبُخَارِيُّ وأَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ السَّرَّاجِ قَالا أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ أَنَّ رَجُلا مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute