أَهْلِ الشَّامِ كَانَ لَهُ أَدَبٌ وَإِنَّهُ ذُكِرَ لَهُ الْمَجْنُونُ فَأُخْبِرَ بِخَبَرِهِ فَأَحَبَّ أَنْ يَرَاهُ وَأَنْ يَسْمَعَ مِنْ شِعْرِهِ فَخَرَجَ يُرِيدُهُ حَتَّى إِذَا صَارَ إِلَى حَيِّهِ سَأَلَ عَنْهُ فَأُخْبِرَ أَنَّهُ لَا يُؤْوِيهِ مَكَانٌ وَأَنَّهُ يَكُونُ مَعَ الْوَحْشِ قَالَ فَكَيْفَ لِي بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ قِيلَ إِنَّهُ لَا يَقِفُ لأَحَدٍ حَتَّى يُكَلِّمَهُ إِلا لِدَايَةٍ لَهُ هِيَ الَّتِي كَانَتْ رَبَّتْهُ فَكَلَّمَ دَايَتَهُ وَرَاسَلَهَا فَخَرَجَتْ مَعَهُ تَطْلُبُهُ فِي مَظَانِّهِ الَّتِي كَانَ يَكُونُ فِيهَا فِي الْبَرِّيَةِ فَطَلَبُوهُ يَوْمَهُمْ ذَلِكَ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ ثُمَّ غَدَوْا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي يَطْلُبُونَهُ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَشْرَفُوا عَلَى وَادٍ كَثِيرِ الْحِجَارَةِ وَإِذَا بِهِ فِي ذَلِكَ الْوَادِي بَيْنَ الْحِجَارَةِ مَيِّتًا فَاحْتَمَلَهُ الرَّجُلُ وَدَايَتُهُ حَتَّى أَتَيَا بِهِ الْحَيَّ فَغَسَّلُوهُ وَكَفَّنُوهُ وَدَفَنُوهُ
وَقَدْ حُكِيَ فِي مَوْتِ مَجْنُونِ بَنِي عَامِرٍ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ
فَذُكِرَ أَنَّ كُثَيِّرًا قَالَ بَيَّنَّا أَنَا عِنْدَ مَجْنُونِ بَنِي عَامِرٍ جَاءَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ تَعَزَّ يَا قَيْسُ قَالَ عَمَّنْ قَالَ عَنْ لَيْلَى فَقَامَ إِلَى بَعِيرِهِ وَقُمْتُ إِلَى بَعِيرِي ثُمَّ أَتَيْنَا الْحَيَّ فَأَرْشَدَنَا إِلَى قَبْرِهَا فَأَقْبَلَ يُقَبِّلُهُ وَيَلْتَزِمَهُ وَيَشُمُّ تُرَابَهُ وَيَنْشِدُ الشِّعْرَ ثُمَّ شَهَِقَ فَمَاتَ فَدَفَنْتُهُ سِيَاقُ أَبْيَاتٍ مِنْ مُسْتَحْسَنِ شِعْرِهِ
أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ الْمَدِينِيُّ قَالَ سَمِعْتُ مُصْعَبًا الزُّبَيْرِيُّ يَقُولُ كَانَ مَجْنُونُ بَنِي عَامِرٍ يَسِيحُ مَعَ الْوَحْشِ وَيَنْثِرُ الشِّعْرَ نَثْرًا وَكَانَ الرُّكْبَانُ يَتَلَقَّوْنَ مِنْهُ الشِّعْرَ فَيَرْوُونَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute