فَرَأَيْنَا فِي أَسْفَلِ كُرْسِيِّ الْجِسْرِ رَجُلا يَبُولُ فَعَدَلْنَا إِلَيْهِ فَقَبَضْنَا عَلَيْهِ فَصَاحَ يَا قَوْمِ مَا لَكُمْ أَنَا مَلاحٌ صَعَدْتُ مِنَ سُمَيْرِيَّتِي أَبُولُ وَهَذِهِ سُمَيْرِيَّتِي وَأَوْمَأَ إِلَيْهَا أَيُّ شَيْءٍ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ فَضَرَبْنَاهُ وَقُلْنَا أَنْتَ اللِّصُّ الَّذِي هَرَبَ مِنَ الْخَشَبَةِ وَجِئْنَا بِهِ وَرَقَيَّنْاهُ إِلَى الْخَشَبَةِ وَصَلَبْنَاهُ مَكَانَ الْهَارِبِ وَهُوَ يَصِيحُ طُولَ اللَّيْلِ وَيَبْكِي فَتَقَطَّعَتْ قُلُوبُنَا رَحْمَةً لَهُ وَقُلْنَا مَظْلُومٌ وَلَكِنْ مَا الْحِيلَةُ
فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ رَكِبَ صَاحِبُ الشُّرْطَةِ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ وَجَاءَ لِيَضْرِبَ أَعْنَاقَ الْقَوْمِ فَصَاحَ بِهِ الْمَلاحُ بِوُقُوفِكَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ ادْعُ بِي وَاسْمَعْ كَلامِي فَلَسْتُ مِنَ اللُّصُوصِ الَّذِينَ أَخْرَجْتَهُمْ وَأَمَرْتَ بِصَلْبِهِمْ وَأَنَا مَظْلُومٌ وَقَدْ وَقَعَتْ بِي حِيلَةٌ فَأَنْزَلَهُ وَقَالَ مَا قِصَّتُكَ فَشَرَحَ لَهُ حَدِيثَهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَدَعَا بِنَا وَقَالَ مَا هَذَا الرَّجُلُ فَقُلْنَا مَا نَعْرِفُ مَا يَقُولُ سَلَّمْتُ إِلَيْنَا عِشْرِينَ رَجُلا وَهَؤُلاءِ عِشْرُونَ فَقَالَ قَدْ أَخَذْتُمْ مِنَ اللِّصِّ دَرَاهِمَ وَأَطْلَقْتُمُوهُ وَاعْتَرَضْتُمْ مِنَ الطَّرِيقِ رَجُلا غَرِيبًا فَأَخَذْتُمُوهُ فَقُلْنَا مَا فَعَلْنَا هَذَا وَاللِّصُّ الَّذِي سَلَّمْتَ إِلَيْنَا هُوَ هَذَا فَضَرَبَ أَعْنَاقَ الْجَمَاعَةِ وَتَرَكَ الْمَلَّاحَ وَقَالَ هَاتُوا السَّجَّانِينَ وَالْبَوَّابِينَ فَجَاءُوا فَقَالَ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْعِشْرِينَ الَّذِينَ أَخْرَجْنَاهُمْ فَتَأَمَّلُوهُ بِأَجْمَعِهِمْ فَقَالُوا لَا
فَفَكَّرَ ثُمَّ أَمَرَ بِإِطْلاقِهِ ثُمَّ قَالَ هَاتُوهُ إِلَيَّ فَرَدَدْنَاهُ فَقَالَ اشْرَحْ لِي قِصَّتُكَ فَأَعَادَ عَلَيْهِ الْحَدِيثَ فَقَالَ لَهُ فِي نِصْفِ اللَّيْلِ إِيشِ كُنْتَ تَعْمَلُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَقَالَ كُنْتُ قَدْ بِتُّ فِي سُمَيْرِيَّتِي فَأَخَذَتْنِي بَوْلَةٌ فَصَعَدْتُ أَبُولُ قَالَ فَفَكَّرَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ لَهُ أدصقني أَمْرَكَ عَلَى الْحَقِيقَةِ حَتَّى أُطْلِقَكَ وَأَيَّ شَيْءٍ كُنْتَ تَعْمَلُ هُنَاكَ حَتَّى أُطْلِقَكَ فَلَمْ يُخْبِرْهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ
قَالَ وَكَانَ مِنْ رَسْمِهِ أَنَّهُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُقَرِّرَ إِنْسَانًا قَرَّرَهُ وَهُوَ قَائِمٌ بَيْنَ يَدَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute