وَوَرَاءَهُ جَمَاعَةٌ بِمَقَارِعَ فَإِذَا حَكَّ رَأْسَهُ ضُرِبَ الْمُقَرَّرُ وَاحِدَةً عَظِيمَةً فَيَقُولُ هُوَ لِلَّذِي ضَرَبَهُ قَطَعَ اللَّهُ يَدَيْكَ وَرِجْلَيْكَ يَا فَاعِلُ يَا صَانِعُ مَنْ أَمَرَكَ بِضَرْبِهِ وَلِمَ ضَرَبْتَهُ تَقَدَّمَ يَا هَذَا لَا بَأْسَ عَلَيْكَ اصْدُقْ وَقَدْ نَجَوْتَ فَإِنْ أَقَرَّ وَإِلا حَكَّ رَأسه ثَانِيَة وثالثة أبدا عل هَذَا وَكَذَا كَانَتْ عَادَتُهُ فِي جَمِيعِ الْجُنَاةِ
فَلَمَّا أَطَالَ عَلَيْهِ الْمَلاحُ حَكَّ رَأْسَهُ فَضَرَبَ قَفَاهُ بَعْضُ الْقَائِمِينَ بِمِقْرَعَةٍ عَظِيمَةٍ فَصَاحَ صِيَاحًا شَدِيدًا فَقَالَ هُوَ مَنْ أَمَرَكَ بِهَذَا يَا فَاعِلُ يَا صَانِعُ قَطَعَ اللَّهُ يَدَيْكَ ثُمَّ قَالَ لِلْمَلاحِ اصْدُقْ وَانْجُ بِنَفْسِكَ فَقَالَ لَهُ لاملاح اللَّهُ شَاهِدٌ عَلَيْكَ أَنِّي آمِنٌ عَلَى نَفْسِي وَأَعْضَائِي حَتَّى أَصْدُقَ قَالَ لَهُ نَعَمْ
فَقَالَ أَنَا رَجُلٌ مَلاحٌ أَعْمَلُ فِي الْمِشْرَعَةِ الْفُلانِيَّةِ يَعْرِفُنِي جِيرَانِي بِالسِّتْرِ كُنْتُ قَدْ سَرَحْتُ سُمَيْرِيَّتِي الْبَارِحَةَ بَعْدَ الْعَتْمَةِ أَتَفَرَّجُ فِي الْقَمَرِ فَنَزَلَ خَادِمٌ مِنْ دَارٍ لَا أَعْرِفُهَا فَصَاحَ يَا مَلاحُ فَتَقَدَّمْتُ فَسَلَّمَ إِلَيَّ امْرَأَةً حَسَنَةً وَمَعَهَا صَبِّيتَانِ وَأَعْطَانِي دِرْهَمًا صَحِيحًا وَقَالَ احْمِلْ هَؤُلاءِ إِلَى بَابِ الشُّمَاسِيَّةِ فَصَاعَدْتُ بِهِمْ قِطْعَةً مِنَ الطَّرِيقِ فَكَشَفَتِ الْمَرْأَةُ وَجْهَهَا فَإِذَا هِيَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهًا كَالْقَمَرِ فَاشْتَهَيْتُهَا فَعَلَّقْتُ مَجَادِيفِي فِي الدَّرْنُوكِ وَأَخْرَجْتُ السَّفِينَةَ إِلَى وَسَطِ دِجْلَةٍ وَتَقَدَّمْتُ إِلَى الْمَرْأَةِ فَرَاوَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا فَأَخَذَتْ تَصِيحُ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَئِنْ صِحْتِ لأُغَرِّقَنَّكِ السَّاعَةَ فَسَكَتَتْ وَأَخَذَتْ تُمَانِعُنِي عَنْ نَفْسِهَا فَاجْتَهَدْتُ بِأَنْ أَقْدِرَ عَلَيْهَا فَمَا قَدَرْتُ فَقُلْتُ لَهَا مَنْ هَاتَانِ الصَّبِيَّتَانِ مِنْكِ فَقَالَتْ بِنَاتِي فَقُلْتُ لَهَا أَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكِ تُمَكِّنِينِي مِنْ نَفْسِكِ أَوْ أُغْرِقُ هَذِهِ وَقَبَضْتُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَقَالَتْ أَمَّا أَنَا فَلا أُطِيعُكَ فَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَرَمَيْتُ إِحْدَى الصَّبِيَتَيْنِ فِي الْمَاءِ فصاحت فَضربت فاها وَصِحْتُ مَعَهَا وَاللَّهِ لَا طَلَّقْتُكِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute