للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَوَاللَّهِ لأُسَاعِدَنَّكَ وَلأُدَاوِمَنَّ عَلَى وَصْلِكَ فَهَمِلَتْ عَيْنَاهُ بِالدُّمُوعِ وَأَنْشَأَ يَقُولُ

دَنَتْ وَظِلالُ الْمَوْتِ بيني وَبَينهَا ... ومنت بوصل حِين لَا يَنْفَعُ الْوَصْلُ

ثُمَّ شَهَِقَ شَهْقَةً خَرَجَتْ نَفْسُهُ فَوَقَعَتْ عَلَيْهِ تَلْثُمُهُ وَتَبْكِي فَرُفِعَتْ عَنْهُ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا فَمَا مَكَثَتْ بَعْدَهُ إِلا أَيَّامًا حَتَّى مَاتَتْ

أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ السَّرَّاجِ قَالَ وَجَدْتُ بِخَطِّ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ ابْن عَلِيٍّ الأَبَنُوسِيُّ وَنَقَلْتُهُ مِنْ أَصْلِهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ الأَزْدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا السَّاجِيُّ عَنِ الأَصْمَعِيِّ قَالَ رايت بالبادية رجلا قد عَظْمُهُ وَضَؤُلَ جِسْمُهُ وَرَقَّ جِلْدُهُ فَتَعَجَّبْتُ فَدَنَوْتُ مِنْهُ أَسْأَلُهُ عَنْ حَالِهِ فَلَمْ يُرِدْ جَوَابًا فَسَأَلْتُ جَمَاعَةً حَوْلَهُ عَنْ حَالِهِ فَقَالُوا اذْكُرْ لَهُ شَيْئًا مِنَ الشِّعْرِ يُكَلِّمْكَ فَقُلْتُ

سَبَقَ الْقَضَاءُ بِأَنَّنِي لَكَ عَاشِقٌ ... حَتَّى الْمَمَاتِ فَأَيْنَ مِنْكَ مَذَاهِبِي فَشَهِقَ شَهْقَةً ظَنَنْتُ أَنَّ رُوحَهُ قَدْ فَارَقَتْهُ ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ

أَخْلُو بِذِكْرِكِ لَا أُرِيدُ مُحَدِّثًا ... وَكَفَى بِذَلِكَ نِعْمَةً وَسُرُورَا

أَبْكِي فَيُطْرِبُنِي الْبُكَاءُ وَتَارَةً ... يَأْبَى فَيَأْتِي مَنْ أُحِبُّ أَسِيرَا

قَالَ فَقلت لَهُ أَخْبَرَنِي عَنْكَ قَالَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ عِلْمَ ذَلِكَ فَاحْمِلْنِي وَأَلْقِنِي عَلَى بَابِ تِلْكَ الْخَيْمَةِ فَفَعَلْتُ فَأَنْشَأَ يَقُولُ بِصَوْتٍ ضَعِيفٍ يَرْفَعُهُ بِجُهْدِهِ

أَلا مَا لِلْمَلِيحَةِ لَا تَعُودُ ... أَبُخْلٌ بِالْمَلِيحَةِ أَمْ صُدُودُ

فَلَوْ كُنْتِ الْمَرِيضَةَ جِئْتُ أَسْعَى ... إِلَيْكِ وَلَمْ يُنَهْنِهْنِي الْوَعِيدُ

فَإِذَا جَارِيَةٌ مِثْلَ الْقَمَرِ قَدْ خَرَجَتْ فَأَلْقَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ فَاعْتَنَقَا وَطَالَ ذَلِكَ فَسَتَرْتُهُمَا بِثَوْبِي خَشْيَةَ أَنْ يَرَاهُمَا النَّاسُ فَلَمَّا خِفْتُ عَلَيْهِمَا الْفَضِيحَةَ فَرَّقْتُ بَيْنَهُمَا

<<  <   >  >>