قَالَ شَبَابَةُ فَاضْتَلَلْتُ إِبِلا لِي فَخَرَجْتُ فِي طَلَبِهَا فَبَيْنَا أَنَا أَسِيُرُ فِي الرِّمَالِ إِذَا بِهَاتِفٍ يَهْتِف بِصَوْت ضَعِيف
يَا بن الْوَلِيدِ أَلا تَحْمُونَ جَارَكُمْ ... وَتَحْفَظُونَ لَهُ حَقَّ الْقُرَابَاتِ
عَهْدِي إِذَا جَارُ قَوْمٍ نَابَهُ حَدَثٌ ... وَقَوْهُ مِنْ كُلِّ مَفْرُوجِ الْمُلِمَّاتِ
هَذَا أَبُو مَالِكٍ الْمُمْسِي بِبَلْقَعَةٍ ... مَعَ الضباع وآسادج وَغَابَاتِ
طَلِيحُ شَوْقٍ بِنَارِ الْحُبِّ مُحْتَرِقٌ ... تَعْتَادُهُ زَفَرَاتٌ إِثَرَ لَوْعَاتِ
أَمَّا النَّهَارُ فَيُضْنِيهِ تَذَكُّرُهُ ... وَاللَّيْلُ مُرْتَقِبٌ لِلْصُبْحِ هَلْ يَاتِي
يَهْذِي بِجَارِيَةٍ مِنْ عُذْرَةَ اخْتَلَسَتْ ... فُؤَادَهُ فَهُوَ مِنْهَا فِي بَلِيَّاتِ
فَقُلْتُ دُلَّنِي عَلَيْهِ رَحِمَكَ اللَّهُ قَالَ نَعَمْ أَقْصُدُ الصُّوْتَ فَلَمَّا قَصَدْتُ سَمِعْتُ أَنِينًا مِنْ خِبَاءٍ فَإِذَا قَائِلٌ يَقُولُ
يَا رَسِيسَ الْهَوَى أَذَبْتَ فُؤَادِي ... وَحَشَوْتَ الْحَشَا عَذَابًا أَلِيمَا
فَدَنَوْتُ فَقُلْتُ أَبُو مَالِكٍ قَالَ نَعَمْ فَقُلْتُ مَا بَلَغَ بت مَا أَرَى قَالَ حُبِّي سُعَادَ ابْنَةَ أَبِي الْهَيْذَامِ الْعُذْرِيِّ شَكَوْتُ يَوْمًا مَا أَجِدُ مِنْ حُبِّهَا إِلَى ابْنِ عَمٍّ لَنَا فَاحْتَمَلَنِي إِلَى هَذَا الْوَادِي مُنْذُ بِضْعِ عَشْرَةَ سَنَةٍ يَأْتِينِي كُلَّ يَوْمٍ بِخَبَرِهَا وَيَقُوتُنِي مِنْ عِنْدِهِ
فَقُلْتُ إِنِّي أَصِيرُ إِلَى أَهْلِهَا فَأُخْبِرُهُمْ بِمَا رَأَيْتُ قَالَ أَنْتَ وَذَلِكَ فَانْصَرَفت فَأَخْبَرتهمْ فرقوا لَهُ فَزَوجُوهُ بحضرتي فَرَجَعت إِلَيْهِ أفرج عَنهُ فَلَمَّا أخْبرته الْخَبَر حدد النّظر إِلَيّ ثمَّ تأوه تأوها شَدِيدا بلغ من قلبِي ثمَّ قَالَ
الآنَ إِذْ حَشْرَجَتْ نَفْسِي وَحَاضَرَهَا ... فِرَاقُ دُنْيَا وَنَادَاهَا مُنَادِيهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute