للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْبَيْتِ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ مِنْهَا مَنْ حَضَرَهَا مِنْ نِسَائِهَا فَقُلْنَ مَالَكِ وَمَا حالك وَمَا دَهَاكِ فَقَالَتْ مَا تَرَكَ غَسَّانُ بَعْدَهُ فِي الْحَيَاةِ أَرَبًا وَلا بَعْدَهُ فِي الْحَيَاةِ سُرُورٌ وَرَغْبَةٌ أَتَانِي فِي مَنَامِي السَّاعَةَ فَأَنْشَدَنِي هَذِهِ الأَبْيَاتَ وَأَنْشَدَتْهَا وَهِيَ تَبْكِي بِدَمْعٍ غَزِيرٍ وَانْتِحَابٍ شَدِيدٍ

فَلَمَّا سَمِعْنَ ذَلِكَ مِنْهَا أَخَذْنَ بِهَا فِي حَدِيثٍ آخَرَ لِتَنْسَى مَا هِيَ فِيهِ فَتَغَافَلَتْهُنَّ ثُمَّ قَامَتْ فَلَمْ يُدْرِكْنَهَا حَتَّى ذَبَحَتْ نَفْسَهَا حَيَاءً مِمَّا كَادَتْ تَرْكَبُ بَعْدَهُ مِنَ الْغَدْرِ بِهِ وَالنِّسْيَانُ لِعَهْدِهِ

أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ الْعَلافِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ ابْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي مِسْكِينٍ قَالَ ضَلَّتْ نَاقَةٌ لِفَتَى مِنْ تَمِيمٍ فَخَرَجَ إِلَى حَيٍّ مِنْ بَنِي شَيْبَانٍ يَنْشُدُهَا فَإِنَّهُ لَكَذَلِكَ إِذْ بَصُرَ بِجَارِيَةٍ كَأَنَّهَا الشَّمْسُ حُسْنًا وَجَمَالا فَعَشِقَهَا عِشْقًا مُبْرِحًا فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ وَقَدْ ذَهَبَ عَقْلُهُ فَمَا تَمَالَكَ أَنْ رَجَعَ إِلَى حَيِّهِمْ فَلَمَّا هذأ اللَّيْلُ قَالَ لَعَلِّي أُسَكِنُ بِالنَّظَرِ إِلَيْهَا بَعْضَ مَا بِي فَأَتَاهَا وَهِيَ جَالِسَةٌ وَإِخْوَتِهَا نِيَامٌ حَوْلَهَا فَقَالَ لَهَا يَا قُرَّةَ عَيْنِي قَدْ وَاللَّهِ أَذْهَبَ الشَّوْقُ عَقْلِي وَكَدَّرَ عَلَيَّ عَيْشِي فَقَالَتِ امْضِ إِلَى حَالِكَ وَإِلا نَبَّهْتُ إِخْوَتِي فَقَتَلُوكَ فَقَالَ لَهَا إِنَّ الْقَتْلَ أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنَ الَّذِي أَنَا فِيهِ قَالَتْ وَهَلْ يَكُونُ شَيْءٌ أَشَدَّ مِنَ الْقَتْلِ قَالَ نَعَمْ مَا أَنَا فِيهِ مِنْ حُبِّكِ قَالَتْ لَهُ فَمَا تَشَاءُ قَالَ أَمْكِنِينِي مِنْ يَدِكِ حَتَّى أَضَعَهَا عَلَى قَلْبِي وَلَكِ عَهْدُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنِّي أَرْجِعُ فَفَعَلَتْ فَرَجَعَ فَلَمَّا كَانَتِ الْقَابِلَةُ عَادَ فَوَجَدَهَا عَلَى حَالِهَا فَقَالَتْ لَهُ كَقَوْلِهَا الأَوَّلِ فَقَالَ تُمَكِّنِينِي مِنْ شَفَتَيْكِ حَتَّى أَرْشُفَهَا وَأَنْصَرِفَ فَلَمَّا فَعَلَتْ ذَلِكَ وَقَعَ فِي قَلْبِهَا مِنْهُ كَهَيْئَةِ النَّارِ فَأَقْبَلَتْ تَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فَنَذُرَ بِهِ حَيُّهَا وَإِخْوَتُهَا فَقَالُوا مَا لِهَذَا الْكَلْبِ قَدْ أَطَالَ الْمُكْثَ فِي هَذَا الْجَبَلِ وَهُوَ يَتَخَطَّانَا

<<  <   >  >>