يَا مُبْتَلًى بِالْحُبِّ مَفْدُوحًا ... لاقَى مِنَ الْحُبِّ التَّبَارِيحَا
أَلْجَمَهُ الْحُبُّ فَمَا يَنْثَنِي ... إِلا بِفَاسِ الْحُبِّ مَكْبُوحَا
وَصَارَ مَا يُعْجِبُهُ مُغْلَقًا ... عَنْهُ وَمَا يَكْرَهُ مَفْتُوحَا
قَدْ حَازَهَا مَنْ أَصْبَحَتْ عِنْدَهُ ... يُنَالُ مِنْهَا الشَّمُّ وَالرِّيحَا
خَلِيفَةُ اللَّهِ فَسَلِّ الْهَوَى ... وَعَزِّ قَلْبًا مِنْكَ مَجْرُوحَا
فَرَفَعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ رَأْسَهُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ
لَا صَبْرَ لِي عَنْ شَادِنٍ طَرْفُهُ ... يُورِثُ بِاللُّحْظِ التَّبَارِيحَا
لَوْ تَخْلُصُ الرِّيحُ إِلَى جِسْمِهِ ... ظَلَّ لِمَسِّ الرِّيحِ مَجْرُوحَا
لَا حَظَّ لِي مِنْهُ سِوَى أَنَّنِي ... مِنْ نَحْوِهِ أَسْتَنْشِقُ الرِّيحَا
وَكُلَّمَا اسْتَنْشَقْتُهَا مَرَّةً ... عَدَدْتُهَا غَنْمًا وَمَفْرُوحَا
وَوَافَقَ ذَلِكَ خُرُوجُ غُلامٍ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ إِلَى يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ أَلَكَ حَاجَةً قَالَ نَعَمْ هَذَا الْكِتَابُ تَلَطَّفْ فِي إِيصَالِهِ إِلَيْهَا وَكَتَبَ إِلَيْهَا يُعْلِمُهَا مَا جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الأَحْوَصِ مِنَ الشِّعْرِ وَشَمَاتَتِهِ بِهِ فَكَتَبَتِ الْجَارِيَةُ إِلَيْهِ
يَا مُشْتَكِي الْحُبِّ وَلَوْعَاتِهِ ... أَصْبَحَ قَلْبِي مِنْكَ مَقْرُوحَا
مَا قَرَّتِ الْعَيْنُ بِمَا نِلْتُهُ ... وَلا عَدَدْتُ الْمِلْكَ مَفْرُوحَا
شَوْقًا إِلَى وَجْهِكَ ذَاكَ الَّذِي ... لَمْ يُبْقِ لِي فِي يَدِي رُوحَا
فَلَمَّا قَرَأَ كِتَابَهَا اسْتَفَزَّهُ ذَلِكَ حَتَّى خَرَجَ إِلَى الشَّامِ فَامْتَدَحَهُ فَأَحْسَنَ صِلَتَهُ وَجَائِزَتَهُ ثُمَّ مَكَثَ أَيَّامًا وَعَلِمَتِ الْجَارِيَةُ بِقُدُومِهِ فَجَعَلَتْ تُوَجِّهُ إِلَيْهِ تَسْتَخْبِرُ