أَرَى الإِقْبَالَ مِنْكِ عَلَى خَلِيلِي ... وَمَا لِي فِي حَدِيثِكِ مِنْ نَصِيبِ
فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ تُجِيبُهُ
لأَنَّ اللَّهَ عَلَّقَهُ فُؤَادِي ... فَأَضْحَى الْحُبُّ دُونَكَ وَالْحَبِيبُ
فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
خَلِيلِي لَا تَلُمْهَا فِي هَوَاهَا أَلَذُّ الْعَيْشِ مَا تَهْوَى الْقُلُوبُ
فَقَالَ الأَحْوَصُ وَاللَّهِ لأَجْهَدَنَّ أَنْ أُفَرِقَ بَيْنَكُمَا
فَخَرَجَ إِلَى يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَامْتَدَحَهُ فَأَجَازَهُ وَأَحْسَنَ صِلَتَهُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَصِيحَةٌ قَالَ وَمَا هِيَ قَالَ جَارِيَةٌ خَلَّفْتُهَا بِالْمَدِينَةِ جَمِيلَةٌ قَدْ قَرَأَتِ الْقُرْآنَ وَرَوَتِ الأَشْعَارَ وَمَا تَصْلُحُ إِلا لِمُسَامَرَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ
قَالَ وَيْحَكَ صِفْهَا فِي أَبْيَاتِ شِعْرٍ فَقَالَ
كَمُلَتْ فِي الْجِمَالِ وَالْحُسْنِ وَالْمَلَحِ وَتَمَّتْ فِي عَقْلِهَا وَالْعَفَافِ
غَضَّةٌ بَضَّةٌ فَتَاةٌ كَعُوبٌ ... هَضْمَةُ الْكَشْحِ وَعْثَةُ الأَرْدَافِ
هِيَ شَمْسُ النَّهَارِ فِي الْحُسْنِ إِلا ... أَنَّهَا فُضِّلَتْ بِعَطْفِ الظِّرَافِ
وَلَهَا مَنْظَرٌ وَدَلٌّ شَهِيٌّ ... وَحَدِيثٌ مُرَتَّلٌ غَيْرُ جَافِي
خُلِقَتْ فَوْقَ منية المتمني ... فاقبل النصح يَابْنَ عَبْدِ مَنَافِ
قَالَ قَدْ قَبِلْتُ فَبَعَثَ فَاشْتَرَاهَا بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَمَّا صَارَتْ إِلَى الشَّامِ خَرَجَ الأَحْوَصُ مِنَ الشَّامِ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَمَرَّ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ وَهُوَ جَالِسٌ بِفِنَاءِ دَارِهِ يَخُطُّ الأَرْضَ فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَأَنْشَأَ يَقُولُ