للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَرَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ دُرَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَخِي الأَصْمَعِيِّ عَنْ عَمِّهِ قَالَ حَجَّ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي خِلافَةِ أَخِيهِ سُلَيْمَانَ فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ جَارِيَةٌ مُغَنِّيَةٌ جَمِيلَةٌ فَأُعْجِبَ بِهَا غَايَةَ الإِعْجَابِ فَاشْتَرَاهَا بِأَرْبَعَةِ آلافِ دِينَارٍ وَكَانَ اسْمُهَا الْعَالِيَةُ فَسَّمَاهَا حُبَابَةُ وَكَانَ يَهْوَاهَا الْحَارِثُ بْنُ خَالِد المَخْزُومِي فَقَالَ لَهُ بَلَغَهُ خُرُوجُ يَزِيدَ بِهَا

ظَعَنَ الأَمِيرُ بِأَحْسَنِ الْخَلْقِ ... وَغَدَا بِلُبِّكَ مَطْلَعَ الشَّرْقِ

وَبَلَغَ سُلَيْمَانُ خَبَرَهَا فَقَالَ لَهَمَمْتُ أَنْ أَحْجِرَ عَلَى يَزِيدَ يَبْتَاعُ جَارِيَةً بِأَرْبَعَةِ آلافِ دِينَارٍ

وَكَانَ يَزِيدُ يَهَابُهُ وَيَتَّقِيهِ فَتَأَدَّى إِلَيْهِ قَوْلُهُ فَرَدَّهَا عَلَى مَوْلاهَا وَاسْتَرَجَعَ مِنْهُ الْمَالَ وَبَاعَهَا مَوْلاهَا مِنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ بِهَذَا الثَّمَنِ وَمَكَثَ يَزِيدُ آسِفًا مُتَحَسِّرًا عَلَيْهَا فَلَمْ تَمْضِ إِلا مُدَيْدَةً حَتَّى تَقَلَّدَ يَزِيدُ الأَمْرَ فَبَيْنَا هُوَ فِي بَعْضِ الأَيَّامِ مَعَ امْرَأَتِهِ سُعْدَةَ بِنْتِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ إِذْ قَالَتْ لَهُ بَقِيَ فِي نَفْسِكَ شَيْءٌ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا لَمْ تَنَلْهُ قَالَ نَعَمْ حُبَابَةُ فَأَمْسَكَتْ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَرْسَلَتْ بَعْضَ ثِقَاتِهَا إِلَى مِصْرَ وَدَفَعَتْ إِلَيْهِ مَالا وَأَمَرَتْهُ بِابْتِيَاعِ حُبَابَةَ فَمَضَى فَمَا كَانَ بِأَسْرَعِ مِنْ أَنْ وَرَدَ وَهِيَ مَعَهُ قَدِ اشْتَرَاهَا

فَأَمَرَتْ سُعْدَةُ قَيَّمَةَ جَوَارِيهَا أَنْ تَصْنَعَهَا وَكَسَتْهَا مِنْ أَحْسَنِ الثِّيَابِ وَصَاغَتْ لَهَا أَفْخَرَ الْحُلِيِّ وَقَالَتْ لَهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مُتَحَسِّرٌ عَلَيْكِ وَلَهُ اشْتَرَيْتُكِ فَسُرَّتْ وَدَعَتْ لَهَا فَلَبِثَتْ أَيَّامًا تَصَنْعُهَا تِلْكَ الْقَيِّمَةَ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ عَنْهَا وَعْثُ السَّفَرِ قَالَتْ سُعْدَةُ لِيَزِيدَ إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَمْضِيَ مَعِي إِلَى بستانك بالغوطة لنتتزه فِيهِ قَالَ أَفْعَلُ فَتَقَدَّمِينِي إِلَيْهِ

<<  <   >  >>