فَمَضَتْ وَضَرَبَتْ قُبَّةً وَشْيٍ وَنَجَّدَتْهَا بِالْفَرْشِ وَجَعَلَتْ دَاخِلَهَا كُلَّةَ قَصَبٍ وأجسلت فِيهَا حُبَابَةَ
وَجَاءَ يَزِيدُ فَأَكَلُوا وَجَلَسُوا عَلَى شَرَابِهِمْ فَأَعَادَتْ سُعَدَةُ عَلَيْهِ هَلْ بَقِيَ فِي نَفْسِكَ مِنَ الدُّنْيَا شَيْءٌ لَمْ تَبْلُغْهُ قَالَ نَعَمْ حُبَابَةُ
قَالَتْ فَإِنِّي قَدِ اشْتَرَيْتُ جَارِيَةً ذَكَرَتْ أَنَّهَا عَلَّمَتْهَا غِنَاءَهَا كُلَّهُ فَهِيَ تُغَنِّي مِثْلَهَا فَتَنَشَّطْ لاسْتِمَاعِهَا قَالَ إِي وَاللَّهِ
فَجَاءَتْ بِهِ إِلَى الْقُبَّةِ وَجَلَسَا قُدَّامَهَا وَقَالَتْ غَنِّي يَا جَارِيَة فغنت الصَّوْت الَّذِي عنته لِيَزِيدَ لَمَّا اشْتَرَاهَا هُوَ مِنْ شِعْرِ كُثَيِّرٍ
وَبَيْنَ التَّرَاقِي وَالْفُؤَادِ حرارة ... مَكَان الشجالا تَسْتَقِلُّ فَتَبْرَدُ
فَقَالَ يَزِيدُ حُبَابَةُ وَاللَّهِ فَقَالَتْ سُعْدَةُ حُبَابَةُ وَاللَّهِ لَكَ اشْتَرَيْتُهَا وَقَدْ أَهْدَيْتُهَا لَكَ
فَسُرَّ سُرُورًا عَظِيمًا وَشَكَرَهَا غَايَةَ الشُّكْرِ وَانْصَرَفَتْ وَتَرَكَتْهُ مَعَ حُبَابَةَ فِي الْبُسْتَانِ فَلَمَّا كَانَ بِالْعَشِيِّ صَعَدَ مَعَهَا إِلَى مُسْتَشْرَفٍ فِي الْبُسْتَانِ وَقَالَ لَهَا غَنِّي وَبَيْنَ التَّرَاقِي وَالْفُؤَادِ حَرَارَةٌ فَغَنَّتْهُ فَأَهْوَى لِيَرْمِيَ بِنَفْسِهِ وَقَالَ أَطِيرُ وَاللَّهِ فَتَعَلَّقَتْ بِهِ وَقَالَتْ اللَّهَ اللَّهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ
وَأَقَامَ مَعَهَا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْبُسْتَانِ ثُمَّ انْصَرَفَا وَأَقَامَتْ أَيَّامًا ثُمَّ مَرِضَتْ وَمَاتَتْ فَحَزِنَ عَلَيْهَا حُزْنًا شَدِيدًا وَامْتنع عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَمَرِضَ وَمَاتَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute