فَإِن ابْن حجر رَحمَه الله لم يشرحه فِي فتح الْبَارِي إِلَّا بِنَحْوِ ثَلَاث ورق مَعَ أَن شَرحه أكمل شرح البُخَارِيّ، وأكثرها تَحْقِيقا، وأعمها نفعا. وَلَا حَاجَة لنا فِي الْكَلَام على رجال إِسْنَاده، فقد أجمع أهل هَذَا الشَّأْن أَن أَحَادِيث الصَّحِيحَيْنِ، أَو أَحدهمَا كلهَا من الْمَعْلُوم صدقه المتلقى بِالْقبُولِ الْمجمع على ثُبُوته. وَعند هَذِه الإجماعات تنْدَفع كل شُبْهَة، وَيَزُول كل تشكيك.
وَقد دفع أكَابِر الْأَئِمَّة من تعرض للْكَلَام على شَيْء مِمَّا فيهمَا، وردوه أبلغ رد، وبينوا صِحَّته أكمل بَيَان. فَالْكَلَام على إِسْنَاده بعد هَذَا، لَا يَأْتِي بفائدة يعْتد بهَا. فَكل رُوَاته قد جازوا القنطرة، وارتفع عَنْهُم القيل والقال، وصاروا أكبر من أَن يتَكَلَّم فيهم بِكَلَام، أَو يتناولهم طعن طَاعن، أَو توهين موهن.