أَقُول: قد عرفناك فِيمَا سلف أَن مِمَّا افترضه الله على عباده ترك الْمُحرمَات، فَتَركهَا فَرِيضَة من فَرَائض الله سُبْحَانَهُ. فَقَوله أَدَاء المفروضات الْبَاطِنَة وَهِي الْإِيمَان، وَالظَّاهِرَة وَهِي الْإِسْلَام لَا يَشْمَل جَمِيع فَرَائض الله.
وَبَيَانه أَن الْإِيمَان هُوَ كَمَا قَالَه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَآله وَسلم فِي جَوَاب من سَأَلَهُ عَن الْإِيمَان " أَن تؤمن بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله وَالْقدر خَيره وشره "، فَلم يَشْمَل جَمِيع المفروضات الْبَاطِنَة. فَإِن مِنْهَا لَا يتَعَلَّق بِشَيْء من الاعتقادات الْبَاطِلَة، وَلَا يحْسد، وَلَا يعجب، وَلَا يتكبر وَلَا يشوب عمله رِيَاء، وَلَا نِيَّته عدم خلوص. وَلَا يستخف بِمَا أوجب الله عَلَيْهِ تَعْظِيمه، وَلَا يبطن غير مَا يظهره حَتَّى يكون ذَا وَجْهَيْن، وَغير ذَلِك من الْأُمُور القلبية الَّتِي هِيَ عِنْد من يتفكر فِي الْأُمُور ويتفهم الْحَقَائِق كَثِيرَة جدا. والتكليف بهَا شَدِيد،