فَإِذا كَانَ مقَام النُّبُوَّة الَّذِي هُوَ أَعلَى مقَام وَأَرْفَع رُتْبَة، وَلَيْسَ مقَام الْولَايَة بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ إِلَّا كمقام التَّابِع من الْمَتْبُوع وَالْخَادِم من المخدوم، فَكيف يحْتَاج أَن يُقَال إِنَّه لَا يَنْقَطِع عَن الطّلب من الله عز وَجل مَعَ انْتِفَاء الْعِصْمَة عَنهُ، وثبوتها لمن لم يَنْقَطِع عَن الطّلب من الله سُبْحَانَهُ. بلَى كَانَ نَبينَا " [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] " وَآله وَسلم مديما لدعاء ربه فِي جَمِيع أَحْوَاله مستمراً على طلب حَوَائِجه الدُّنْيَوِيَّة والأخروية من خالقه لَا يَعْتَرِيه ملل وَلَا يتَعَلَّق بِهِ كلل، وَله من الْعِبَادَة على اخْتِلَاف أَنْوَاعهَا مَا لَا يلْحقهُ بِهِ غَيره، وَلَا يطيقه سواهُ.
فَكيف يَنْقَطِع الْوَلِيّ عَن الطّلب. فَإِنَّهُ إِن فعل ذَلِك كَانَ ممكوراً بِهِ، وَرجع عدوا لله بعد أَن كَانَ وليا لَهُ. وبغيضاً لَهُ بعد أَن كَانَ حبيباً لَهُ. اللَّهُمَّ أحسن عاقبتنا فِي الْأُمُور كلهَا، وأجرنا من خزي الدُّنْيَا وَعَذَاب الْآخِرَة.
وشأن كل عبد من عباد الله إِذا ازْدَادَ قرباً إِلَى الله وَصَارَ من المحبوبين لَهُ أَن يزْدَاد خضوعاً لَهُ وتضرعاً إِلَيْهِ، وتذللا وتمسكا وَعبادَة. وَكلما ارْتَفع عِنْد ربه دَرَجَة زَاد فِيمَا يُحِبهُ الله مِنْهُ دَرَجَات. هَذَا شَأْن الْعُبُودِيَّة.
وَإِذا كَانَ هَذَا هُوَ الْكَائِن فِيمَا بَين العَبْد وسيده فِي بني آدم فَكيف لَا يكون فِيمَا بَين العَبْد وخالقه ورازقه ومحييه ومميته.
ضلال المدعين لرفع التَّكْلِيف:
وَمَا أقبح مَا يحْكى عَن بعض المتلاعبين بِالدّينِ المدعين للتصوف أَنهم يَزْعمُونَ أَنهم وصلوا إِلَى رَبهم فَانْقَطَعت عَنْهُم التكاليف الشَّرْعِيَّة، وَخَرجُوا من جبل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute