فَإِذا كَانَ هَذَا فِي الْحبّ البشري الَّذِي هُوَ نوع من أَنْوَاع مخلوقات الرب الَّتِي لَا تدخل تَحت حصر، وَلَا تتطرق إِلَيْهَا إحاطة. فَكيف لَا يصنع الله عز وَجل لمحبوبه من تيَسّر الْخَيْر والحماية عَن الْجِنَايَة، وَحفظ الخواطر عَن الزيغ مَا يصير بِهِ ملكي الْأَفْعَال والأقوال، وَإِن كَانَ بشري الْخلقَة وَهُوَ الْقَادِر الْقوي الَّذِي لَا يتعاظمه شَيْء.
وَمِمَّا يُشِير إِلَى صدق غَالب خواطر أهل الْإِيمَان حَدِيث " اتَّقوا فراسة الْمُؤمن فَإِنَّهُ يرى بِنور الله " وَهُوَ حَدِيث حسن كَمَا قدمنَا.
وَالْحَاصِل أَن الخواطر الكائنة من أهل الْولَايَة إِذا لم تخَالف الشَّرْع فَيَنْبَغِي أَن تكون مسلمة لَهُم لكَوْنهم أحباء الله وأولياؤه، وَأهل طَاعَته وصفوة عباده.
وَلَيْسَ لمن كَانَ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِم كالبهيمة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْإِنْسَان، أَو كالإنسان بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَلَائِكَة أَن يُنكر عَلَيْهِم شَيْئا لَا يُخَالف الشَّرِيعَة. فَإِن خَالف شَيْئا مِنْهَا فَهِيَ الجسر الَّذِي لَا يصل أحد إِلَى مراضي الله إِلَّا بالمرور مِنْهُ، وَالْبَاب الَّذِي من دخل من غَيره ضل وَزَل، وَقل وذل.