للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَأَنه ذُو الْكِبْرِيَاء، وَأَنه ذُو الْجلَال، فَمَا أسمج بِأَن يُوصف بالتواضع مَعَ عَبده الحقير الذَّلِيل.

قَالَ فِي الصِّحَاح: التَّوَاضُع: التذلل. فَانْظُر هَل يَصح إِطْلَاق التَّوَاضُع الَّذِي مَعْنَاهُ فِي هَذِه اللُّغَة الْعَرَبيَّة للتذلل على رب الْعَالم وخالق الْكل ورازقه ومحييه ومميته؟ سُبْحَانَكَ هَذَا بهتان عَظِيم.

تَعَالَى قدرك وَجل إسمك، سُبْحَانَكَ مَا أعظم شَأْنك، سُبْحَانَكَ مَا أعز سلطانك.

وَأما قَول ابْن حجر: قلت وَيخرج مِنْهُ جَوَاب ثَالِث، يُرِيد أَنه يخرج من التَّرَدُّد كَمَا خرج من قَوْله: " كنت سَمعه " وَهَذَا الَّذِي استخرجه مثل الْوَجْه الثَّانِي الَّذِي ذكره الْكرْمَانِي. وَكِلَاهُمَا فِي غَايَة السُّقُوط وَنِهَايَة الْبطلَان.

أما قَول ابْن حجر، وَيظْهر لي وَجه رَابِع إِلَى آخر كَلَامه، فَلَمَّا قَيده بِأَن يكون التَّوَاضُع لله سُبْحَانَهُ لم يبْق للْوَلِيّ مِنْهُ شَيْء.

وَلَا مُوجب لذَلِك فَإِن تواضع الْعباد مَعَ بَعضهم الْبَعْض، هُوَ الَّذِي ندب الله إِلَيْهِ وَجَاءَت بِهِ الترغيبات الْكَثِيرَة.

وَأما تواضع الْعباد مَعَ الرب سُبْحَانَهُ فهم أَحْقَر وَأَقل من أَن يتواضعوا لَهُ، وَإِن كَانَ ذَلِك من لَوَازِم الْعُبُودِيَّة.

وَانْظُر فِي مِثَال هَذَا فِي الْأَحْوَال، فَإِنَّهُ يسمح أَن يُقَال: تواضع الرجل لسلطانه ولوالديه، لِأَن التَّوَاضُع هُوَ التذلل بعد التَّلَبُّس بضده، كَمَا تدل عَلَيْهِ صِيغَة التفعل مَعَ أَن ابْن حجر ذكر فِي أول هَذَا الْبَاب مَا لَفظه: " بَاب التَّوَاضُع بِضَم الْمُعْجَمَة مُشْتَقّ من الضعة بِكَسْر أَوله وَهِي التذلل والهوان. وَالْمرَاد بالتواضع:

<<  <   >  >>