فَإِن الشطيان لَعنه الله سَوَّلَ لَهُم بِأَن هَؤُلَاءِ الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم الَّذين لَهُم المزايا الَّتِي لَا يُحِيط بهَا حصر، وَلَا يحصيها حد وَلَا عد، أحقاء بِمَا يهتكون من أعراضهم الشَّرِيفَة، ويجحدون من مناقبهم المنيفة حَتَّى كَأَنَّهُمْ لم يَكُونُوا هم الَّذين أَقَامُوا أعمدة الْإِسْلَام بسيوفهم، وشادوا قُصُور الدّين برماحهم، واستباحوا الممالك الكسروية والقيصرية، وأطفأوا الْملَّة النَّصْرَانِيَّة والمجوسية، وَقَطعُوا حبائل الشّرك من الطوائف المشركة من الْعَرَب وَغَيرهم، وأوصلوا دين الْإِسْلَام إِلَى أَطْرَاف الْمَعْمُور من شَرق الأَرْض وغربها، ويمنيها وشمالها، فاتسعت رقْعَة الْإِسْلَام وطبقت الأَرْض شرائع الْإِيمَان، وانقطعت علائق الْكفْر وانقصمت حباله، وانفصمت أوصاله، ودان بدين الله سُبْحَانَهُ الْأسود والأحمر، والوثني، والملي.
فَهَل رَأَيْت أَو سَمِعت بأضعف من هَؤُلَاءِ تمييزا، وَأكْثر مِنْهُم جهلا، وأزيف مِنْهُم رَأيا؟ ! ياالله الْعجب يعادون خير عباد الله وأنفعهم للدّين، الَّذِي بعث بِهِ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، وهم لم يعاصروهم، وَلَا عاصروا من