للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وثبوت النسب بالفراش مجمع عليه -كما يقول ابن القيم- وهو إحدى الجهات الأربع التي يثبت بها النسب، وهي الفراش، والاستلحاق، والبينة، والقافة، والثلاثة الأولى مجمع عليها (١).

والفراش هي الزوجة أو الأمة، والزوجة لا تكون فراشًا بمجرد عقد النكاح، وإن كان عقد النكاح مقصودًا به الوطء، وإنما تكون فراشًا بالعقد والدخول المحقق، إما باعتراف الزوج أو بالبينة الدالة على ذلك، وهذا رواية عن أحمد، اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم (٢)، ورجحه الصنعاني (٣).

والقول الثاني: أن الزوجة تعتبر فراشًا بمجرد العقد وإن علم أن الزوج لم يجتمع بها، وهذا قول أبي حنيفة، وهو قول ضعيف؛ لأن العقد لا تأثير له في إثبات النسب، وإلا لجاز نسب الولد إلى من لم يبلغ التاسعة من عمره (٤).

والقول الثالث: أنها تكون فراشًا بالعقد مع إمكان الوطء، وهو قول الشافعي وأحمد.

والصواب الأول؛ لأنه مقتضى الدليل اللغوي؛ لأن المرأة لا تكون فراشًا إلا بحقيقة الوطء، ولا يمكن أن يفترشها زوجها إلا إذا جامعها، ثم هو مقتضى دليل العقل، فإنه -كما يقول ابن القيم- كيف تصير المرأة فراشًا لرجل لم يدخل بها ولم يَبْنِ بها؟ وكيف تأتي الشريعة بإلحاق نسبٍ بمن لم يبن بامرأته ولا دخل بها ولا اجتمع بها (٥)؟!

أما الأمة فلا تصير فراشًا إلا بالوطء -على قول الجمهور- والفرق بينهما أن الزوجة تراد للوطء خاصة، فجعل العقد عليها كالوطء عند من يقول به، بخلاف الأمة فإنها تراد لملك الرقبة، وأنواع المنافع غير الوطء.

ولا يلحق الولد بالفراش إلا إذا أمكن كونه منه، كأن تلده لأكثر من ستة


(١) "زاد المعاد" (٥/ ٤١٠).
(٢) "زاد المعاد" (٥/ ٤١٥).
(٣) "سبل السلام" (٦/ ٣٢٣).
(٤) "آثار عقد الزواج" ص (٣٦٦).
(٥) "زاد المعاد" (٥/ ٤١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>