للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أشهر منذ أن تزوجها؛ لأن أقل مدة الحمل ستة أشهر بالإجماع، وأما أكثره فهو موضع خلاف، وقد روي عن عمر وسعيد بن المسيب والحسن البصري أنه سنة، وهذا يؤيده ما قرره أهل الذكر من رجال الطب الشرعي في هذه المسألة من أن الحمل لا يمكث في بطن أمه أكثر من سنة (١)، فإن لم يمكن كونه منه كأن تلده لأقل من ستة أشهر منذ تزوجها لم يلحق به، وفي المسألة تفاصيل محلها كتب الفقه.

* الوجه الرابع: في الحديث دليل على أن الزنا لا يثبت به النسب، لقوله: "وللعاهر الحجر"، وهذا قول أكثر أهل العلم، وهو المذهب عند الحنابلة، فإذا ادعى الزاني أن الولد ولده لم يلحق به، كما استدلوا بحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى فيمن استلحقه الورثة بعد موت المورث أنه إن كان من أمة كان يملكها المورث حين أصابها فإنه يلحقه من وقت الاستلحاق ما لم يكن المورث قد أنكره قبل موته، وإن كان من أمة لم تكن مملوكة له أو من حرة عَاهَرَ بها فإنه لا يلحقه ولو كان هو الذي ادعاه في حياته (٢).

وهذا نص صريح في اعتبار الفراش وعدم اعتبار الزنا أساسًا لثبوت النسب.

والقول الثاني: أنه إذا استلحقه ولم ينازعه أحد فإنه يلحق به (٣)، حفظًا لنسب هذا الطفل؛ لئلا يضيع نسبه ولئلا يُعَيَّر، وهذا قول الحسن البصري وإسحاق بن راهويه وجماعة، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم (٤). ثم إن الفقهاء ذكروا في باب "الإقرار بمشارك في الميراث" أن الورثة لو أقروا بوارث للميت ثبت نسبه بشروط معروفة في محلها، فهكذا هنا، وقوله: "الولد للفراش، وللعاهر الحجر" جملتان متلازمتان؛ أي: إذا نازع الزاني صاحب فراش في الولد، فالولد للفراش، بدليل حديث الباب. لكن هذا القيد لم يدل عليه دليل (٥).


(١) "الفرقة بين الزوجين" ص (٢٣٠).
(٢) رواه أبو داود (٢٢٦٥) وسنده حسن.
(٣) "الإنصاف" (٩/ ٢٦٩).
(٤) "زاد المعاد" (٥/ ٤٢٥).
(٥) انظر: "الفرقة بين الزوجين" ص (٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>