للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[باب الجزية والهدنة]

الجزية في اللغة: مشتقة من الجزاء والمجازاة؛ لأنها جزاء تأمين الكفار وعصمة دمائهم وعيالهم وأموالهم، أو تمكينهم من سكنى دار الإسلام (١).

والمراد هنا: ما يؤخذ من الكفار جزاء الكف عن قتالهم، أو إسكانهم دار الإسلام.

والأصل فيها الكتاب والسنة والإجماع والمعقول، أما الكتاب فقوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢٩)} [التوبة: ٢٩]؛ ومعنى: {وَهُمْ صَاغِرُونَ} أي: ذليلون عند إعطائها، فلا يرسلون بها رسولًا، ولا يتعاظمون، ولا يعظَّمون عند تسليمها.

وأما السنة فمنها: ما روى المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - أنه قال لجند كسرى يوم نهاوند (٢): (أمرنا نبينا رسول ربنا - صلى الله عليه وسلم - أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده، أو تؤدوا الجزية) (٣)، وكذا أحاديث الباب.

وقد أجمع المسلمون على جواز أخذ الجزية في الجملة.

وأما المعقول فهو أن الذمي يتمتع بحماية الدولة من أي عدوان خارجي أو داخلي، ويعفى من الخدمة العسكرية، فلا بد من دفع ضريبة مقابل تلك الحماية، ومقابل استقراره في دار الإسلام وحقن دمه والكف عن قتاله.

وقد شرعت الجزية سنة ثمان من الهجرة، وقيل: سنة تسع (٤).


(١) انظر: "أحكام أهل الذمة" (١/ ٢٢).
(٢) انظر: "البداية والنهاية" (١٠/ ١١١).
(٣) أخرجه البخاري (٣١٥٩).
(٤) "فتح الباري" (٦/ ٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>