للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[باب الفوات والإحصار]

الفوات: مصدر فات يفوت فوتاً وفواتاً: إذا سَبَقَ فلم يُدرك. والمراد هنا: عدم أداء الحج، لعدم التمكن من عرفة، لمرض منعه من الوقوف، أو لتأخر، أو لكونه ضل الطريق، ونحو ذلك، ولا فرق بين أن يكون لعذر أو لغير عذر، فلا يفترقان إلا في الإثم (١)، ولا يكون الفوات إلا في الحج، وأما العمرة فلا تفوت إلا تبعاً لحج القارن.

ومع أن الحافظ بوَّب للفوات والإحصار إلا أنه لم يذكر شيئاً عن فوات الحج، وقد جاء في ذلك عدة آثار، منها ما روى مالك بسنده أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر أبا أيوب الأنصاري وهبار بن الأسود حين فاتهما الحج، وأتيا يوم النحر أن يَحِلاَّ بعمرة، ثم يرجعا حلالاً، ثم يحجّان عاماً قابلاً، ويهديان، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله (٢).

والإحصار لغة: مصدر أحصره: إذا منعه، مرضاً كان الحاصر أو عدواً، فهو محصر، وحصره - أيضاً - حكاه غير واحد، فهو محصور، ومن أهل اللغة من خص الإحصار بما كان من العدو، والحصر من المرض.

والمراد هنا: أن يحصل للإنسان مانع من إتمام النسك، من عدو، أو مرض، أو حبس، على أن بين الفقهاء خلافاً في الإحصار: هل هو خاص بالعدو؟ أو عام في كل مانع عن البيت وإتمام النسك؟ وهذا الخلاف سببه اختلاف أهل اللغة في معنى الإحصار، وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى.


(١) "شرح العمدة" لشيخ الإسلام ابن تيمية (٢/ ٦٥٦).
(٢) "الموطأ" (١/ ٣٨٣)، ورواه عنه الشافعي (١/ ٣٨٨)، ومن طريقه البيهقي (٥/ ١٧٤)، وصححه الألباني في "الإرواء" (٤/ ٣٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>