للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[باب العارية]

العارية: بتخفيف الياء وتشديدها، مشتقة من العُري، وهو التجرد، سميت عارية: لتجردها عن العوض.

وشرعًا: دفع عين لمن ينتفع بها مجانًا ويردها.

فقولنا: (لمن ينتفع بها) يخرج البيع؛ لأنه تمليك، وقولنا: (مجانًا) يخرج الإجارة؛ لأنها تمليك المنفعة بمال. وقولنا: (ويردها) فيه إشارة إلى أن العارية إنما تكون حال حياة المعير، ويخرج بذلك الوصية بالمنفعة؛ لأنها تمليك بعد الوفاة.

ومن أمثلة العارية: أن يعيره دارًا يسكنها، أو سيارة يركبها، أو نخلة يأكل ثمرتها، أو منيحة يشرب لبنها، أو كتابًا يقرأ فيه، أو شيئًا من متاع البيت؛ كالقدر ونحوه، ينتفع به.

والعارية مباحة للمستعير، مستحبة للمعير؛ لأن فيها عونًا للمسلم، وقضاءً لحاجته، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه، وهي من الإحسان، والله يحب المحسنين.

وقد تكون العارية واجبة أحيانًا، وقد حكى ابن قدامة الوجوب؛ لقوله تعالى: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (٧)}، ولحديث جابر - رضي الله عنه - الآتي، وقد قيد ابن تيمية ذلك بكون المعير غنيًّا، وذكر أنه أحد القولين في مذهب أحمد (١).


(١) "المغني" (٧/ ٣٤٠)، "الاختيارات" ص (١٥٨)، "الفتاوى" (٢٨/ ٩٨)، "عقد العارية" ص (٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>