للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[باب حد القذف]

القذف في اللغة: الرمي بالحجارة ونحوها مما يؤذي ويضر، واستعير للسب وتوجيه العيوب، بجامع الإضرار في كلّ، وإضافة الحد إلى القذف من باب إضافة الشيء إلى سببه؛ أي: الحد الذي سببه القذف.

والقذف شرعًا: الرمي بالزنا.

ولا خلاف بين أهل العلم في أن الرمي بالزنا قذف يوجب الحدَّ على القاذف، وإنَّما الخلاف في الرمي بعمل قوم لوط، وهذا مبني على الخلاف في اعتباره زنا، فمن اعتبره زنا، قال: الرمي به مثل الرمي بالزنا، وهو قول مالك والشَّافعي وأحمد، ومن لم يعتبره زنا، قال: إن الرمي به يوجب التعزير، وهو قول أبي حنيفة (١).

ومثال القذف أن يقول: يا زانٍ، أو أنت زانٍ، أو يا من فَعَلَ عَمَلَ قوم لوط، أو نحو ذلك من الألفاظ الصريحة في القذف، ومثله لو قال: فضحتِ زوجَكِ، أو يا قَحْبة، ونحو ذلك، بشرط وجود قرينة تدل على المراد؛ لأن هذه الألفاظ كنايات، على ما ذكره الفقهاء.

والقذف من كبائر الذنوب إذا كان المقذوف محصنًا - وهو: الحر المسلم العاقل العفيف الذي يجامع مثله - وإنَّما كان من الكبائر؛ لثبوت الحد فيه ولعن فاعله، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤)} [النور: ٤]، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ


(١) "التشريع الجنائي" (٢/ ٤٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>