للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الجهاد]

الجهاد في اللغة: مصدر جاهد يجاهد جهادًا ومجاهدة؛ أي: بالغ في قتل عدوه وغيره، وعلى كل تصاريفه فهو لغة: بذل الطاقة والوسع.

وشرعًا: بذل الوسع في قتال الكفار (١).

وهو فرض كفاية إذا كان لدى المسلمين قدرة وقوة على القتال، فإذا قام به من يكفي سقط عن سائر الناس، وإلا أثم الكل؛ لأنه واجب في الجملة، وليس واجبًا على الأعيان، أما كونه واجبًا في الجملة فلقوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} [البقرة: ١٩٠]، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ} [التوبة: ٣٨]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من مات ولم يغز، ولم يُحدث نفسه بالغزو، مات على شُعبَةٍ من نفاقٍ" (٢)، وقد أجمع المسلمون على وجوبه في الجملة.

وأما كونه ليس واجبًا على الأعيان فلقوله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} [التوبة: ١٢٢]، وقوله تعالى: {فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [النساء: ٩٥]، فأثبت للمجاهدين والقاعدين الأجر، ولو كان فرض عين لكان القاعد آثمًا؛ ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث السرايا ويقيم هو وأصحابه، فإذا لم يجب في الجملة ولم يجب على الأعيان لزم كونه فرض كفاية.

وأما قوله تعالى: {إلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [التوبة: ٣٩] فقد قيل: إنها منسوخة بقوله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كافة}


(١) انظر: "الدرّ النقي" (٣/ ٧٦٥).
(٢) سيأتي تخريجه إن شاء الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>