للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[باب الزهد والورع]

الزهد: مصدر زَهِدَ في الشيء، وزَهِدَ عنه يَزْهَدُ زَهَادة من باب سَلِمَ، وزُهْدًا -أيضًا- بمعنى تركه وأعرض عنه، فهو زاهد، وزَهَدَ يَزْهَدُ بفتحتين لغة (١).

ومادة زهد تدل على القلة في كل شيء. قال ابن فارس: (الزاء والهاء والدال أصل يدل على قلة الشيء، والزهيد: الشيء القليل … ) (٢).

وأما حقيقة الزهد فقد تنوعت عبارة السلف والعلماء الذين جاءوا من بعدهم في تفسير الزهد على أقوال كثيرة جدًّا، ومحصلها: أن الزهد انصراف عن الرغبة في الشيء إلى ما هو خير منه، وهو الزهد فيما يُشغل عن الآخرة، من الزهد في الدنيا وشؤونها والرغبة في الآخرة والإعداد لها، ويدخل في ذلك الزهد في الحرام والمكروهات وبعض المباحات التي قد تشغل عن الآخرة والقيام بالأعمال الصالحة.

ولا يمنع ذلك العمل للدنيا يَتَقَوَّى به على طاعة الله، ويستغني عما في أيدي الناس بالبيع والشراء والزراعة والصناعة ونحو ذلك، لكن بشرط ألا تشغله هذه الأمور عن الإعداد للآخرة بل يكون قلبه زاهدًا فيها راغبًا فيما عند الله.

يقول ابن الجَلاء: (الزهد هو النظر إلى الدنيا بعين الزوال؛ لتصغر في عينيك، فيسهل عليك الإعراض عنها) (٣).

وقال بعض السلف: (الزهد: عزوف القلب عن الدنيا بلا تكلف) (٤).


(١) "مختار الصحاح" ص (٢٧٦)، "المصباح المنير" ص (٢٥٧).
(٢) "معجم مقاييس اللغة" (٣/ ٣٠).
(٣) "بصائر ذوي التمييز" (٣/ ١٣٩).
(٤) "مدارج السالكين" (٢/ ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>