للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وسئل الإمام أحمد عن الرجل يكون معه ألف دينار هل يكون زاهدًا؟ فقال: (نعم على شريطة ألا يفرح إذا زادت، ولا يحزن إذا نقصت) (١).

وقال إبراهيم بن أدهم: (الزهد ثلاثة أصناف: زهد فرض، وزهد فضل، وزهد سلامة، فأما الزهد الفرض: فالزهد في الحرام، والزهد الفضل: الزهد في الحلال، والزهد السلامة: الزهد في الشبهات).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (الزهد: ترك الرغبة فيما لا ينفع في الدار الآخرة).

وقال ابن القيم: (هذا من أحسن ما قيل في الزهد) (٢).

والمراد بذلك فضول المباح التي لا يستعان بها على طاعة الله تعالى، أما ما ينفع في الدار الآخرة فالزهد فيه ليس من الدين، بل صاحبه داخل في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: ٨٧] (٣). وهو جهل وضلال؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجزن" (٤).

وأما الورع فهو مصدر وَرعَ يَرِعُ وَرَعًا ورِعَةً مثل: عِدة فهو وَرعٌ، وهذه المادة تدل على الكف والانقباض. قال ابن فارس: (ومنه -أي: من هذه المعنى- الوَرَعُ: العفة، وهي الكف عما لا ينبغي … ) (٥).

وأما في الاصطلاح فقد تنوعت عبارة السلف والعلماء الذين جاءوا من بعدهم في تفسير الورع على عدة أقوال، ومحصلها: أن الورع يكون في المشتبهات التي قد يكون فيها حرام أو مكروه، فيتورع عما فيه شبهة خشية الوقوع في المحذور، ويكتفي بما اتضح له وبان وجهه حرصًا على سلامة دينه. قال سفيان الثوري: (ما رأيت أسهل من الورع ما حاك في نفسك


(١) "مدارج السالكين" (٢/ ١١).
(٢) "مدارج السالكين" (٢/ ١٠).
(٣) "الفتاوى" (١٠/ ٢١).
(٤) "الفتاوى" (١٠/ ٥١١)، والحديث المذكور سيأتي شرحه إن شاء الله تعالى.
(٥) "معجم مقاييس اللغة" (٦/ ١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>