للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أما الإعراض عمن أسدى إليك معروفًا وكأنه ما فعل شيئًا، فهذا ليس من مكارم الأخلاق ولا يهمل المكافأة على المعروف إلا اللئام من الناس. قال ابن حبان: (الواجب على المرء أن يشكر النعمة، ويحمد المعروف على حسب وسعه وطاقته، إن قدر فبالضِّعْفِ، وإلا فبالمثل، وإلا فبالمعرفة بوقوع النعمة عنده، مع بذل الجزاء له بالشكر، وقوله: جزاك الله خيرًا … ) (١).

وقد استثنى العلماء من مشروعية المكافأة من لا تحسن مكافأته لكون العادة لم تجر بذلك، كالملك والرئيس والوزير فهذا يدعى له (٢).

فإن لم يجد ما يكافئ به صاحب المعروف فإنه يدعو له ويجتهد ويبالغ في الدعاء حتى يرى أنه قد كافأه؛ لأنه لما رأى في نفسه تقصيرًا في المجازاة لعدم القدرة عليها أحال ذلك إلى الله تعالى ونِعْم المجازي هو (٣)، وهذا يفيد أن الدعاء يسمى مكافأة في حق من لا يقدر على المجازاة، فيدعو له بما يناسب المعروف أو بما يناسب المقام، ومن أبلغ الدعاء أن يقول له: جزاك الله خيرًا، وقد تقدم في هذا حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من صُنع إليه معروف فقال لفاعله: جزاك الله خيرًا، فقد أبلغ في الثناء" (٤). والله تعالى أعلم.


(١) "روضة العقلاء" ص (٣٥٣).
(٢) "القول المفيد" (٣/ ١١٣).
(٣) "تيسير العزيز الحميد" ص (٦٥٩).
(٤) تقدم في "الأيمان والنذور" برقم (١٣٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>