للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وهي مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع والقياس، أما الكتاب فعموم قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢] وقوله تعالى: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (٧)} [الماعون: ٧] فقد ذكر جمهور المفسرين أن المراد بـ (الماعون) ما يستعيره الجيران بعضهم من بعض من الأواني أو الأمتعة، قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: "كنا نَعُدُّ الماعون على عهد رسول - صلى الله عليه وسلم -، عارية الدلو والقدر" (١).

يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي: (أي: يمنعون إعطاء الشيء الذي لا يضر إعطاؤه على وجه العارية، أو الهبة؛ كالإناء والدلو، والفأس، ونحو ذلك مما جرت العادة ببذله والسماح به … ففيه الحث على فعل المعروف، وبذل الأمور الخفيفة؛ كعارية الإناء والدلو والكتاب، ونحو ذلك؛ لأن الله ذم من لم يفعل ذلك … ) (٢).

وأما الأدلة من السنة فهي أحاديث الباب، ومنها -أيضًا- حديث جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من صاحب إبل لا يؤدي حقها … " الحديث قيل: يا رسول الله، وما حقها؟ قال: "إطراق فحلها، وإعارة دلوها ومنيحتها، وحلبها على الماء، وحمل عليها في سبيل الله" (٣).

وأما الإجماع فقد قال ابن قدامة: (أجمع المسلمون على جواز العارية واستحبابها) (٤).

وأما القياس فلأنه لما جازت هبة الأعيان كالثياب والأواني والكتب جاز هبة المنافع من هذه الأشياء وغيرها، ولهذا تصح الوصية بالأعيان والمنافع جميعًا، والله تعالى أعلم.


(١) أخرجه أبو داود (١٦٥٧) وإسناده صحيح، كما قال ابن كثير في "الإرشاد" (٢/ ٦٦).
(٢) "تفسير ابن سعدي" ص (٩٣٥).
(٣) أخرجه مسلم (٩٨٨) (٢٨).
(٤) "المغني" (٧/ ٣٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>