أحبكم إِلَيّ وأقربكم مني فِي الْآخِرَة محاسنكم أَخْلَاقًا " أَكثر مَا يَجِيء فِي الحَدِيث أحاسنكم أَخْلَاقًا وَهُوَ جمع أحسن مثل أبطح وأباطح. وَقد جعل أفعل هُنَا صفة غالبة فَجمعت جمع الْأَسْمَاء مثل: أفكل وأفاكل. وَأما مَا فِي هَذَا الحَدِيث فقد ورد " محاسنكم " وَفِيه وَجْهَان:
(أ) أَحدهمَا: أَنه جمع محسن. " فأخلاقا " على هَذَا يجوز أَن يكون " مَفْعُولا بِهِ " كَمَا نقُول: فلَان يحسن خلقه.
(ب) وَيجوز أَن يكون " تمييزا " مثل: الْمُحْسِنِينَ أعمالا، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {قل هَل ننبئكم بالأخسرين أعمالا} .
(ج) وَيجوز أَن يكون محاسنكم جمعا لَا وَاحِد لَهُ من لَفظه كَمَا قَالُوا: مشابه وَلَيْسَ واحده " مشبها " بل " شبه " كَذَا هَهُنَا يكون الْوَاحِد أحسن.
[١٥] جعدة بن خَالِد الْجُشَمِي
مَا المُرَاد بقوله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " لم ترع " وَمَعْلُوم أَنه ارتاع؟ !
(٩١) وَفِي حَدِيث جعدة بن خَالِد الْجُشَمِي: (أَن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أَتَى بِرَجُل فَقَالُوا: أَرَادَ أَن يقتلك؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " لم ترع ".
(أ) قَالَ [الشَّيْخ] رَحمَه الله: حَقِيقَة " لم " أَنَّهَا تدخل على لفظ الْمُسْتَقْبل فَترد مَعْنَاهُ إِلَى الْمُضِيّ فقولك: " لم يقم زيد ". مَعْنَاهُ مَا قَامَ، فعلى هَذَا قَوْله: لم ترع أَي: مَا روعت: وَمَعْلُوم أَنه قد ارتاع قبل ذَلِك. وَإِنَّمَا ذكر الْمَاضِي، وَالْمرَاد بِهِ الْمُسْتَقْبل، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَيَوْم ينْفخ فِي الصُّور فَفَزعَ من فِي السَّمَاوَات وَمن فِي الأَرْض} . أَي: فَيفزع. وَكَذَلِكَ تَقول: إِن قُمْت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute