للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القولُ الفصل في حُكم تارك الصّلاة عمدًا حتّى يخرجَ وقتُها

تأليف: الشيخ محمّد تقي الدين الهلالي الحُسيني


خرّج أحاديث هذه النسخة الإلكترونية، وعلّق عليها: أبو سامي العبدان حُسن التَمام

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: ١٠٢]
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: ١]
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: ٧٠، ٧١]
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.
كلفني أحد إخواننا في الله تعالى الاعتناء بهذه الرسالة لنفاستها في موضوعها، وهذا من حسن ظنه بالعبد الفقير إلى ربه، فأجبته إلى طلبه على وجل، فقمت بتخريجها مع الحكم على الأحاديث والآثار التي تضمنتها هذه الرسالة القيّمة، التي تطرقت إلى موضوع خطير ألا وهو ترك الصلاة حتى يخرج وقتها، فتجد العلماء دائمًا يحملون هموم هذه الأمة، وعندهم الحرص على النصح، فيبذلون النفس والنفيس في التحذير من الشر، وإن مما ابتلي به أكثر الناس - إلا من رحم الله تعالى - التهاون في أداء الصلاة في أوقاتها، وهو أمر عظيم قد بيّن المؤلف خطورته في هذه الرسالة المباركة، فجزاه الله تعالى خير ما جزى عالِمًا عن الإسلام وأهله، قال ابن حزم في "المحلى" ٢/ ٢٤٢:
"وقد جاء عن عمر، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاذ بن جبل، وأبي هريرة، وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم أن من ترك صلاة فرض واحدة متعمدا حتى يخرج وقتها فهو كافر مرتد".
وقال الحافظ المنذري في "الترغيب والترهيب" ١/ ٣٩٤:
"وقد ذهب جماعة من الصحابة، ومن بعدهم، إلى تكفير من ترك الصلاة متعمدا لتركها حتى يخرج جميع وقتها، منهم عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، ومعاذ بن جبل، وجابر بن عبد الله، وأبو الدرداء رضي الله عنهم، ومن غير الصحابة أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وعبد الله بن المبارك، والنخعي، والحكم بن عتيبة، وأيوب السختياني، وأبو داود الطيالسي، وأبو بكر بن أبي شيبة، وزهير بن حرب وغيرهم".
والمؤلف رحمه الله تعالى منهجه في هذه الرسالة منهج العالم السلفي، الذي يستدل بالكتاب والسنة ويكون فهمه لهما من معين السلف الصالح، فبدأ بالنقل من كتاب "الصلاة" لابن القيم ذاكرًا أدلة كفر تارك الصلاة من الكتاب العزيز، ثم دلائل السنة على كفر تارك الصلاة، ثم ما جاء عن الصحابة رضي الله عنهم في حكم تارك الصلاة، ثم يذكر أن قبولَ الأعمال من العبد متوقفٌ على فعل الصلاة، ثم يسوق أقوال العلماء من التابعين ومن بعدهم في كفر تارك الصلاة، وينقل عنهم من حكى الإجماع على ذلك، ثم يبيّن بالأدلة أن من نام عن صلاة أو نسيها فهو معذور وإن خرجت الصلاة عن وقتها، وأن وقتها في حقه حين يذكرها أو يستيقظ من نومه، ثم يبيّن أن من ترك صلاة عمدًا حتى يخرجَ وقتُها لا ينفعه قضاؤها، وفيه فوائد عظيمة جليلة غير ما ذكرتُ، فأترككم مع هذه الرسالة القيّمة، والله الموفق.

كتبه الفقير إلى الله تعالى
أبو سامي العبدان
حسن التمام
(١٧ - رجب - ١٤٣٩ هجري)

 >  >>