للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بن خراش (كذا) قال:

"رأى ابن عمر رجلا يقرأ في صحيفة قال له يا هذا القارئ إنه لا صلاة لمن لم يصل الصلاة لوقتها، فصلِّ ثم إقرأ ما بدا لك" (١).

وكان عبد الله بن مسعود، يقول: "إن للصلاة وقتا كوقت الحج، فصلوا الصلاة لميقاتها" (٢).

فهذا عبد الله قد صرّح بأن وقت الصلاة كوقت الحج، فإذا كان الحج لا يفعل في غير وقته، فما بال الصلاة تجزئ في غير وقتها؟!

تقدم ذكر أدلة تكفير تارك الصلاة من القرآن، ومن حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأقوال الصحابة، والتابعين، وغيرهم، ولم أجد حجة صريحة في عدم تكفير تارك الصلاة إلا حديثًا واحدا لا بد أن أذكره هنا وهو ما رواه الإمام أحمد ابن حنبل في "مسنده" عن عبادة بن الصامت، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يقول: "خمس صلوات كتبهن الله على العباد من أتى بهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له" (٣).


(١) أخرجه ابن حزم في "المحلى" ٢/ ٢٣٨ - ٢٣٩ معلقا، بقوله: روينا من طريق شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن عبد الله بن حراش، قال: رأى ابن عمر رجلا … فذكره.
عبد الله بن حراش: قال الشيخ أحمد شاكر: "كذا في الاصلين ولم أعرف من هو ولا صحة اسمه، ولم أجد له ترجمة، فليس يوجد في كتب الرجال إلا عبد الله بن خراش - بكسر الخاء المعجمة - وليس من هذه الطبقة بل هو متأخر من طبقة شعبة، مات بين سنة ١٦٠ و ١٧٠ وهو كذاب منكر الحديث، وليس من المعقول أبدا أن يكون هو".
(٢) ضعيف - أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٢٠٣٤) و (٣٧٤٧)، وفي "التفسير" (٦٣٣)، ومن طريقه الطبراني ٩/ (٩٣٧٥) عن معمر، عن قتادة، أن ابن مسعود، قال: فذكره.
وهذا إسناد منقطع، قال الإمام أحمد: ما أعلم قتادة سمع من أحد من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا من أنس بن مالك.
وأخرجه ابن المنذر في "الأوسط" (١٠٨٠) حدثنا سهل بن عمار، قال: حدثنا اليسع بن سعدان، قال: حدثنا عصام، عن شعبة، عن قتادة، عن ابن مسعود، في قول الله {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} [النساء: ١٠٣] الآية. قال: إن للصلاة وقتا كوقت الحج فصلوا الصلاة لوقتها".
وإسناده تالف، سهل بن عمار: متهم.
وعلّقه ابن حزم في "المحلى" ٢/ ٢٤٠ من طريق عبد الأعلى، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، قال: ذُكر لنا أن عبد الله بن مسعود … فذكره.
(٣) ضعيف بهذا اللفظ - أخرجه أحمد ٥/ ٣١٥ - ٣١٦، والدارمي (١٥٧٧)، والمروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (١٠٢٩) عن يزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن يحيى بن حبان، أن ابن محيريز القرشي ثم الجمحي أخبره، وكان: بالشام وكان قد أدرك معاوية، فأخبره أن المخدجي رجلا من بني كنانة، أخبره:
" أن رجلا من الأنصار كان بالشام يكنى أبا محمد أخبره أن الوتر واجب، فذكر المخدجي، أنه راح إلى عبادة بن الصامت، فذكر له: أن أبا محمد يقول: الوتر واجب. فقال: عبادة بن الصامت كذب أبو محمد سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: خمس صلوات كتبهن الله على العباد من أتى بهن لم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له".
وأخرجه ابن أبي شيبة ٢/ ٢٩٦ و ١٤/ ٢٣٥، والشاشي في "مسنده" (١٢٨١) حدثنا عيسى بن أحمد العسقلاني، والبيهقي في "السنن الصغير" (٢٦٢) من طريق الحسن بن مكرم، ثلاثتهم (ابن أبي شيبة، وعيسى بن أحمد العسقلاني، والحسن بن مكرم) عن يزيد بن هارون به، لكن بلفظ "ومن انتقص من حقهن شيئا، جاء وليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة".
وهذا اللفظ يبيّن معنى قوله (ومن لم يأت بهن) أي: انتقص من حقهن شيئا، وليس تركهن بالكلية، وسيأتي مزيد إيضاح لهذا الحديث خلال تخريجه.
وأخرجه أبو داود (١٤٢٠)، والنسائي (٤٦١)، وفي "الكبرى" (٣١٨)، والمروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (١٠٣٠)، والشاشي (١٢٨٤) و (١٢٨٦)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (٣١٦٧)، والطبراني في "مسند الشاميين" (٢١٨١)، وابن المظفر في "غرائب مالك" (٤)، والبيهقي ٢/ ٨ و ٤٦٧ و ١٠/ ٢١٧، وفي "المعرفة" (٢٣٠٩)، والبغوي في "شرح السنة" (٩٧٧)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" ٧/ ٩٢، والضياء في "الأحاديث المختارة" (٤٤٧) و (٤٤٨) و (٤٤٩) عن مالك (وهو في "الموطأ" ١/ ١٢٣)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (٣١٦٨)، والبيهقي ٢/ ٤٦٧، وفي "الشعب" (٢٥٦٤)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" ٧/ ٩٢ من طريق الليث، كلاهما يحيى بن سعيد الأنصاري بلفظ يزيد بن هارون الأول.
وفي لفظ عن مالك والليث "ومن جاء وقد استخف بحقهن لم يكن له عند الله عز وجل عهد إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه".
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٤٥٧٥) عن معمر، أو ابن عيينة، عن يحيى بن سعيد به.
هكذا جاء على الشك في "مصنف عبد الرزاق" الطبعة التي حققها الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي، وجاء في طبعة دار التأصيل (٤٦٢٣) "عن معمر، وابن عيينة"، وهو الصواب فقد أخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (٢١٨١) من طريق عبد الرزاق به، بعطف ابن عيينة على معمر.
وأخرجه الحميدي (٣٩٢)، والطبراني في "مسند الشاميين" (٢١٨٢)، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين" ٤/ ١١٥ عن ابن عيينة، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، ومحمد بن عجلان، عن محمد بن يحيى بن حبان به.
وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (٣١٧٢) من طريق ابن عجلان (وحده) ليس فيه المخدجي.
ولفظه عن أبي الشيخ "خمس صلوات كتبهن الله على عباده، فمن أتى بهن لم ينتقص منهن شيئا كان حقا على الله أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن استخفافا بحقهن لم يكن له عند الله عهدا، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له".
وأخرجه البيهقي ١/ ٣٦١ من طريق حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى ابن حبان به، بلفظ "خمس صلوات كتبهن الله عز وجل على عباده فمن وافى بهن ولم يضيعهن كان له عند الله عهد أن يغفر له وأن يدخله الجنة، ومن لم يواف بهن استخفافا بحقهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء غفر له".
وأخرجه ابن حبان (١٧٣٢) من طريق هشيم، أخبرنا يحيى بن سعيد، أخبرنا محمد بن يحيى بن حبان به، لكن لم يصرّح باسم المخدجي، ولفظه "خمس صلوات افترضهن الله على عباده فمن جاء بهن وقد أكملهن ولم ينتقصهن استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن جاء بهن وقد انتقصهن استخفافا بحقهن لم يكن له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء رحمه".
وأخرجه أحمد ٥/ ٣١٩ عن يحيى بن سعيد القطان، عن يحيى بن سعيد الأنصاري بإسناده، وفيه "ومن ضيعهن استخفافا جاء ولا عهد له إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة".
والتضييع هنا مختص بحقوق الصلاة وليس الترك، فتدبر، وهذا كله على فرض ثبوت هذا الإسناد، وسأبيّن إن شاء الله تعالى ضعفه بعد استيفاء الاختلاف في لفظه، وأنت ترى أن يحيى بن سعيد الأنصاري لم يرو هذا الحديث على وتيرة واحدة، فجاء مرة بلفظ "ومن لم يأت بهن"، ومرة "ومن انتقص من حقهن"، ومرة "ومن جاء بهن وقد انتقصهن"، وقد تابعه على هذا اللفظ الأخير: عبد ربه بن سعيد الأنصاري، ومحمد بن إسحاق، وعقيل بن خالد، وعمرو بن يحيى المازني، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وسعد بن سعيد بن قيس الأنصاري، وفي بعضها التصريح بأنه قد أتى بهن لكن انتقص من حقوقهن كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (٩٦٧)، والمروزي (١٠٣٣)، وابن حبان في "الثقات" ٥/ ٥٧٠ - ٥٧١ مختصرا، والطبراني في "مسند الشاميين" (٢١٨٦)، وابن المقرئ في "المعجم" (١٢٥٤) من طريق نافع بن عبد الرحمن بن أبى نعيم، عن محمد بن يحيى بن حبان به.
وعند الطبراني "ومن أتى بهن وقد انتقص منهن شيئا استخفافا بحقهن كان أمره إلى الله، إن شاء عذبه، وإن شاء عفا عنه".
وأخرجه ابن ماجه (١٤٠١)، والمروزي (١٠٥٢)، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (١٥٧٠) و (١٥٧١)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (٣١٦٩)، وابن حبان
(٢٤١٧)، والضياء في "المختارة" (٤٥٠) من طريق شعبة، عن عبد ربه بن سعيد، قال: سمعت محمد بن يحيى بن حبان بإسناده، وفيه "ومن جاء بهن قد انتقص منهن شيئا، استخفافا بحقهن، لم يكن له عند الله عهد، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له".
وفي لفظ "ومن لقيه وقد انتقص منهن شيئا استخفافا بهن فلا عهد له عند الله عز وجل إن شاء عذبه، وإن شاء رحمه".
عبد ربه بن سعيد بن قيس: ثقة، وقال الذهبي: حجة.
وأخرجه أحمد ٥/ ٣٢٢، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (٣١٧٠) من طريق ابن إسحاق، حدثنا محمد بن يحيى بن حبان به، وفيه
"ومن لقيه وقد انتقص منهن شيئا استخفافا بحقهن لقيه، ولا عهد له إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له".
ابن إسحاق: صدوق، وقد صرّح بالتحديث فانتفت شبهة تدليسه فحديثه حسن.
وأخرجه المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (١٠٣١)، والشاشي (١٢٨٣) من طريق عمرو بن يحيى المازني، قال: حدثني محمد بن يحيى بن حبان به، بلفظ "وإن ضيعهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه، وإن شاء رحمه" وليس في إسناده المخدجي!
وعمرو بن يحيى المازني: ثقة.
وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (٣١٧١)، والطبراني في "مسند الشاميين" (٢١٨٧) من طريق عقيل بن خالد قال: حدثني محمد بن يحيى بن حبان به، ليس فيه المخدجي، وفيه "ومن أضاع منهن شيئا لقيه ولا عهد له عنده، إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة".
وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (٢١٨٤) من طريق سعد بن سعيد بن قيس، عن محمد بن يحيى بن حبان به، وفيه "ومن أتى بهن وقد انتقص منهن شيئا استخفافا
بحقهن كان أمره إلى الله إن شاء عذبه، وإن شاء عفى عنه".
وسعد بن سعيد: صدوق سيء الحفظ كما في "التقريب"، وقد تابعه على هذا اللفظ الثقات فثبت لنا ضبطه لهذا الحديث.
وأخرجه المروزي (١٠٣٢)، والطبراني في "مسند الشاميين" (٢١٨٥) من طريق محمد بن إبراهيم، عن محمد بن يحيى بن حبان به، وفي الشاميين "ومن أتى بهن وقد انتقص منهن شيئا استخفافا بحقهن كان أمره إلى الله عز وجل إن شاء عذبه، وإن شاء عفى عنه".
ولفظ المروزي "ومن لم يأت بهن لم يكن له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء تركه".
محمد بن إبراهيم: لم أعرفه، وليس هو محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي فهذا أعلى طبقة منه، والله أعلم.
وأخرجه المروزي (١٠٥١)، والشاشي (١٢٨٢) و (١٢٨٧)، وابن حبان (١٧٣١) من طريق محمد بن عمرو، قال: حدثني محمد بن يحيى بن حبان به، وفيه "ومن جاء بهن وقد انتقص من حقهن شيئا جاء وليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء رحمه".
ولفظ الشاشي "ومن لم يأت بهن جاء وليس له عند الله عهد، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه".
ومحمد بن عمرو بن علقمة: مختلف فيه، والراجح أن حديثه حسن، وفي خبره، وخبر عبد ربه ابن سعيد، وابن إسحاق، وعقيل بن خالد، وعمرو بن يحيى، وسعد بن سعيد بن قيس أنه قد أتى بهن لكنه انتقص من حقوقهن، وليس الترك بالكلية، وهو موافق ليحيى بن سعيد الأنصاري في بعض ألفاظه، فوجب الحكم بالشذوذ على لفظ "ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له" لاسيما أن هذا الحديث له طريق أخرى يرويه الصنابحي، عن عبادة بن الصامت بلفظ "خمس صلوات افترضهن الله على عباده من أحسن وضوءهن وصلاهن لوقتهن، فأتم ركوعهن وسجودهن وخشوعهن كان له عند الله عهد أن يغفر له، ومن لم يفعل فليس له عند الله عهد إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه" وإسناده ظاهره الصحة لكنه معلول سيأتي بيانه في موضعه.
ومعنى (ومن لم يفعل) أي: لم يأت بهن على الوجه المطلوب من إحسان الوضوء، وتحري الوقت، وإتمام الركوع والسجود والخشوع، يعني عنده تقصير في هذا الجانب فكان تحت المشيئة، وأما الحديث الذي وقع الاختلاف في لفظه فمداره على أبي رفيع المخدجي الكناني وهو مجهول الحال: لم يرو عنه غير عبد الله بن محيريز، ووثقه ابن حبان ٥/ ٥٧٠ على قاعدته في توثيق المجاهيل، وله طريق أخرى عن عبد الله بن محيريز: أخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (٣٥) من طريق يحيى بن أبي الخصيب، حدثنا عبد الله ابن هانئ بن عبد الرحمن بن أبي عبلة، عن عمه إبراهيم بن أبي عبلة قال: حدثني عبد الله ابن محيريز، عن المخدجي، قال:
"تنازعت أنا ورجل، من الأنصار في الوتر، فقال أبو محمد: هو فريضة كفريضة الصلاة فقلت: لا بل سنة لا ينبغي تركها، فركبت إلى عبادة بن الصامت وهو بطبرية، فحدثته ما قلت وما قال أبو محمد، فقال عبادة بن الصامت: كذب أبو محمد أشهد على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقال لي من فيه إلى أذني لا أقول لك حدثني فلان وفلان: يا عبادة، خمس صلوات فرضهن الله على خلقه، فمن لقيه لم ينتقص منهن شيئا استخفافا بحقهن لقي الله وله عنده عهد أن يدخله به الجنة، ومن لقيه قد انتقص منهن شيئا استخفافا بحقهن لقي الله فلا عهد له عنده إن شاء أن يعذبه عذبه وإن شاء أن يغفر له غفر له".
وإسناده تالف، عبد الله بن هانئ بن أبي عبلة: اتهم بالكذب لكن رواه الطبراني في "الشاميين" أيضا (٢١٨٨) وفيه هانئ بن عبد الرحمن بن أبي عبلة بدلا عن عبد الله بن هانئ بن عبد الرحمن، وهانئ: ذكره ابن حبان في "الثقات" ٧/ ٥٨٣ - ٥٨٤، وقال:
"ربما أغرب".
والحديث له طرق أخرى عن عبادة:
١ - أخرجه أبو داود (٤٢٥)، والمروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (١٠٣٤)، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات" (٨٥٤)، والبيهقي ٢/ ٢١٥ و ٣/ ٣٦٦، والبغوي في "شرح السنة" (٩٧٨) من طريق يزيد بن هارون، وأحمد ٥/ ٣١٧، ومن طريقه الضياء في "المختارة" (٣٨٥) حدثنا حسين بن محمد، والطبراني في "الأوسط" (٤٦٥٨) و (٩٣١٥)، وعنه أبو نعيم في "الحلية" ٥/ ١٣٠، والبيهقي ٢/ ٢١٥، والضياء في "المختارة" (٣٨٦) من طريق آدم بن أبي إياس، ثلاثتهم عن أبي غسان محمد بن مطرف، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله الصنابحي، قال:
"زعم أبو محمد أن الوتر واجب، فقال: عبادة بن الصامت كذب أبو محمد أشهد لسمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: خمس صلوات افترضهن الله على عباده من أحسن وضوءهن وصلاهن لوقتهن، فأتم ركوعهن وسجودهن وخشوعهن كان له عند الله عهد أن يغفر له، ومن لم يفعل فليس له عند الله عهد إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه".
وفي رواية آدم بن أبي إياس (أبو عبد الله الصنابحي)، وقال الضياء: "والمشهور أبو عبد الله واسمه عبد الرحمن".
وقال الطبراني:
"لم يرو هذا الحديث عن زيد بن أسلم إلا أبو غسان، وهشام بن سعد".
وقال في موضع آخر "تفرد به آدم!! ".
وهذا وهم منه رحمه الله تعالى، فلم يتفرّد به آدم فقد تابعه يزيد بن هارون، وحسين بن محمد، وللطبراني وهم آخر فيه، فإن قوله (لم يرو هذا الحديث عن زيد بن أسلم إلا أبو غسان، وهشام بن سعد) يوهم أنه بنفس الإسناد، وليس كذلك فقد أخرجه ابن أبي حاتم في "العلل" (٢٣٩) حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو صالح، عن الليث، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن ابن محيريز، عن عبادة به.
وصحح أبو حاتم هذا الوجه، وحكم بالنكارة على رواية محمد بن مطرف، وقال:
"لم يضبط هذا الحديث".
فالحديث حديث المخدجي وهو مجهول الحال كما تقدّم بيانه، لكن الطريق إلى هشام بن سعد فيها أبو صالح كاتب الليث وهو صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة كما في "التقريب" لكن أبا حاتم عنده معرفة بحديثه المنكر، فقد قال كما في "الجرح والتعديل" ٥/ ٨٧:
"الأحاديث التي أخرجها أبو صالح في آخر عمره التي أنكروا عليه، نرى أن هذه مما افتعل خالد بن نجيح، وكان أبو صالح يصحبه، وكان سليم الناحية، وكان خالد بن نجيح يفتعل الحديث ويضعه في كتب الناس، ولم يكن وزن أبي صالح وزن الكذب، كان رجلا صالحا".
وأبو صالح قد أعاد الحديث إلى مساره الصحيح، فالحكم له، والله أعلم.
وقال أبو نعيم: "غريب من حديث الصنابحي، عن عبادة، ومشهوره رواية ابن محيريز، عن المخدجي، عن عبادة".
٢ - أخرجه الطيالسي (٥٧٤)، والبزار (٢٧٢٤)، والمروزي (١٠٥٤)، وأبو نعيم في "الحلية" ٥/ ١٢٦ عن زمعة، عن الزهري، عن أبي إدريس الخولاني، قال:
"جلست إلى أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فيهم عبادة بن الصامت، فذكروا الوتر، فقال بعضهم: هو سنة، وقال بعضهم: هو واجب، فقال عبادة: لا أدري ما تقول غير أني أشهد لسمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: أتاني جبريل من عند الله تعالى وقال: إن ربك أرسلني إليك إني أفرضت على أمتك خمس صلوات فمن أداهن بحقوقهن وطهورهن، وما افترضت عليه فيهن، فإن له عهدا أن أدخله الجنة، ومن انتقص من حقوقهن شيئا فلا عهد له علي، إن شئت عذبته،
وإن شئت غفرت له".
وقال أبو نعيم: "غريب من حديث الزهري، لم يروه عنه بهذا اللفظ إلا زمعة، وإنما يعرف من حديث ابن محيريز، عن المخدجي، عن عبادة".
وزمعة بن صالح: ضعيف.
٣ - أخرجه البزار (٢٦٩٠) و (٢٧٢٣) حدثنا خالد بن يوسف بن خالد، قال: حدثني أبي، قال: أخبرنا موسى بن عقبة، عن إسحاق بن يحيى بن أخي عبادة بن الصامت، عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:
من صلى المكتوبة فأداها، وصلاها لوقتها لقي الله تعالى وله عهد ألا يعذبه، ومن لم يقم المكتوبة ولم يصلها لوقتها لقي الله، ولا عهد له إن شاء عذبه، وإن شاء رحمه".
وهذا إسناد تالف، يوسف بن خالد هو السمتي: هالك كما قال الذهبي، وابنه ضعيف.
٤ - أخرجه المروزي (١٠٥٣) حدثنا محمد بن يحيى، والشاشي في "مسنده" (١١٧٧) حدثنا عباس الدوري، والشاشي (١٢٨٥) حدثنا علي بن عبد العزيز، ثلاثتهم عن أبي نعيم، قال: حدثنا النعمان - نسبه أبو نعيم في غير هذا الحديث، فقال: ابن داود بن محمد بن عبادة بن الصامت - عن عبادة بن الوليد، عن أبيه الوليد بن عبادة: "أنه امترى رجلان من الأنصار فقال أحدهما: الوتر بعد العشاء بمنزلة الفريضة، وقال الآخر: هو سنة فلقينا عبادة فذكرنا له الذي امترينا فيه فقال: أشهد لسمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: افترض الله خمس صلوات على خلقه من أداهن كما افترض عليه لم ينتقص من حقهن شيئا استخفافا به لقي الله وله عنده عهد يدخله به الجنة، ومن انتقص من حقهن شيئا استخفافا لقي الله ولا عهد له إن شاء عذبه وإن شاء غفر له، ولكنها سنة لا ينبغي تركها".
النعمان بن داود: مجهول الحال، لم يرو عنه غير أبي نعيم، وترجمه البخاري في "التاريخ الكبير" ٨/ ٨٠، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" ٨/ ٤٤٧، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا.
٥ - أخرجه الشاشي في "مسنده" (١٢٦٥) حدثنا أبو بكر الصغاني، حدثنا يحيى بن أبي بكير، حدثني يعقوب القاري، عن عمرو، عن المطلب، عن عبادة بن الصامت،
أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
"خمس صلوات كتبهن الله عز وجل على العباد، فمن أتى بهن قد حفظ حقهن فإن له عند الله عهدا أن يدخله الجنة، ومن أتى بهن قد أضاع شيئا من حقهن استخفافا فإنه لم يكن له عند الله تعالى عهد، إن شاء عذبه، وإن شاء رحمه".
وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه منقطع، المطلب بن عبد الله بن حنطب: نفى البخاري وأبو حاتم سماعه من أي أحد من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وله شواهد من حديث أبي هريرة، وكعب بن عجرة، وأبي قتادة، وعائشة، وأبي ذر:
أما حديث أبي هريرة:
فأخرجه المروزي في "قيام الليل" (ص ٢٧١) من طريق خالد بن مخلد القطواني، حدثني سليمان بن بلال، حدثني سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
"كتب الله على العباد خمس صلوات، فمن أتى بهن وقد أدى حقهن، كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن أتى بهن وقد ضيع حقهن استخفافا لم يكن له عهد، إن شاء عذبه، وإن شاء رحمه".
وهذا إسناد حسن، خالد بن مخلد: صدوق.
وأخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" ١/ ١٧٩ من طريق إسماعيل بن يزيد القطان، حدثنا إبراهيم بن رستم، حدثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة،
عن أبي هريرة، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
"من أدى خمس صلوات وأتمهن غفر له".
إسناده فيه لين، إسماعيل بن يزيد القطان: قال أبو نعيم: حسن الحديث، اختلط عليه بعض حديثه فِي آخر أيّامه.
وإبراهيم بن رستم: وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: ليس بذاك محله الصدق، وآفته الرأي.
وقال ابن عدي: ليس بمعروف الحديث عن الثقات.
وقال الدارقطني: ليس بقوي.
وذكره ابن حبان في "الثقات" ٨/ ٧٠، وقال:
" يخطئ".
وأخرجه البيهقي ١/ ٤٣٣ من طريق محمد بن يزيد، والخطيب في "تاريخ بغداد" ٦/ ٧٠ - ٧١ من طريق يوسف بن موسى، كلاهما عن إبراهيم بن رستم، عن حماد بن سلمة بإسناده، بلفظ "من أذن خمس صلوات وأمهم إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه".
وأما حديث كعب بن عجرة:
فأخرجه أحمد ٤/ ٢٤٤، والطبراني ١٩/ (٣١١)، وفي "الأوسط" (٤٧٦٤)، والسهمي في "تاريخ جرجان" (ص ٢٩٦) من طريق عيسى بن المسيب البجلي، والطبراني ١٩/ (٣١٣) من طريق مسكين بن صالح، والطبراني ١٩/ (٣١٢)، وأبو نعيم في "الحلية" ٨/ ٢٤٧ من طريق السري بن إسماعيل، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (٣١٧٤) من طريق أبي حصين الأسدي، عن الشعبي، عن كعب بن عجرة، قال:
"خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسجد ونحن سبعة رهط، أربعة من العرب وثلاثة من الموالي، فجلس فقال: أتدرون ما قال ربكم؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: من صلى الصلاة لوقتها ولم يذرها استخفافا بها لقيني يوم القيامة وله عندي عهد أدخله به الجنة، ومن لم يصلها لوقتها وتركها استخفافا بها لقيني يوم القيامة وليس له عندي عهد إن شئت عذبته وإن شئت غفرت له". وإسناده منقطع، جاء في "تاريخ ابن معين" - رواية الدوري (٢٥٦١): "قيل ليحيى سمع الشعبي من كعب بن عجرة؟ قال: سمع من عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة".
وقد جاء تصريح الشعبي بالسماع في رواية الطبراني ١٩/ (٣١١)، وفي "الأوسط" (٤٧٦٤) لكن الطريق إليه فيها عيسى بن المسيب البجلي وهو ضعيف.
وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" ١/ ٣٨٧، وابن أبي شيبة في "المسند" (٥١٢)، وعبد ابن حميد (٣٧١) - المنتخب، والدارمي (١٢٢٦)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (٣١٧٣)، والطبراني ١٩/ (٣١٤) عن أبي نعيم الفضل بن دكين، عن عبد الرحمن بن النعمان الأنصاري، عن إسحاق بن سعد بن كعب بن عجرة، عن أبيه، عن كعب بنحوه.
وفي "المعجم الكبير" ١٩/ (٣١٤) (سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة).
وقال البخاري:
"فالله أعلم به - يعني بإسحاق - أنه محفوظ أم لا، لأن إسحاق ليس يعرف إلا بهذا، لا أدري حفظه أم لا، قال أبو عبد الله إهاب أنه أراد سعد بن إسحاق".
قال الذهبي في "الميزان" ١/ ١٩١ - ١٩٢:
"إسحاق بن سعد لا يدرى من هو، أو لا وجود له، بل أرى أنه انقلب اسمه على عبد الرحمن بن النعمان، ولهذا لم يذكره عامة من جمع في الضعفاء، والله أعلم".
ونقل الحافظ في "اللسان" ١/ ٣٦٣ عن أبي زرعة قوله: كذا قال أبو نعيم، ونراه أراد سعد ابن إسحاق، فغلط.
فإذا ثبت أنه سعد بن إسحاق بن كعب فهو ثقة، لكن أباه إسحاق بن كعب: مجهول الحال.
وأما حديث أبي قتادة:
فأخرجه أبو داود (٤٣٠) حدثنا حيوة بن شريح الحضرمي، وابن ماجه (١٤٠٣)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" ١/ ٢٧٣ عن يحيى بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي، والطبراني في "الأوسط" (٦٨٠٧) من طريق سليمان بن عبد الرحمن، ثلاثتهم عن بقية، عن ضبارة بن عبد الله بن أبي سليك الألهاني، أخبرني ابن نافع، عن ابن شهاب الزهري، قال: قال سعيد بن المسيب: إن أبا قتادة بن ربعي أخبره، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
"قال الله تعالى: إني فرضت على أمتك خمس صلوات، وعهدت عندي عهدا أنه من جاء يحافظ عليهن لوقتهن أدخلته الجنة، ومن لم يحافظ عليهن فلا عهد له عندي".
وإسناده ضعيف، ضبارة بن عبد الله بن أبي سليك: مجهول.
وبقية: مدلس.
وأما حديث عائشة:
فأخرجه الطبراني في "الأوسط" (٤٠١٢) حدثنا علي بن سعيد قال: حدثنا عبد الله بن أبي رومان الإسكندراني قال: حدثنا عيسى بن واقد، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (من لم يوتر فلا صلاة له). فبلغ ذلك عائشة، فقالت: من سمع هذا من أبي القاسم -صلى الله عليه وسلم-؟ والله ما بعد العهد، وما نسيت، إنما قال أبو القاسم -صلى الله عليه وسلم-: من جاء بصلوات الخمس يوم القيامة، قد حافظ على وضوئها، ومواقيتها وركوعها، وسجودها،
لم ينقص منها شيئا، جاء وله عند الله عهد أن لا يعذبه، ومن جاء وقد انتقص منهن شيئا، فليس له عند الله عهد، إن شاء رحمه وإن شاء عذبه".
وقال الطبراني:
"لم يرو هذا الحديث، عن محمد إلا عيسى، تفرد بهما: عبد الله".
وإسناده ضعيف جدا، عبد الله بن أبي رومان: قال الذهبي في "الميزان" ٢/ ٤٢٢:
"ضعفه غير واحد، روى خبرا كذبا".
وقال الحافظ في "اللسان" ٤/ ٤٧٩:
"وهاه الدارقطني".
وعيسى بن واقد: قال الهيثمي في "المجمع" ١/ ٢٩٣:
"لم أجد من ذكره".
وأما حديث أبي ذر:
فأخرجه أبو يعلى كما في "المطالب العالية" (٢١٦)، وإتحاف الخيرة" (٧٦٧) حدثنا سفيان ابن وكيع، حدثنا أبي، عن إبراهيم بن إسماعيل الأنصاري، حدثنا صالح بن كيسان، عن ابن أبي مروان الأسلمي، عن أبيه، عن جده، قال: "جئنا أبا ذر رضي الله عنه، ونحن ستة نفر، سادسنا رجل من جهينة، ونحن من أسلم، فوجدناه مرتحلا يخرج من المدينة، فقال: مرحبا بكم، ما جاء بكم؟ قالوا: جئنا نسلم عليك، ونقتبس منك. قال رضي الله عنه: نعم، سمعت أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم- يقول: الصلوات الخمس من لقي الله تعالى بهن لم ينقص منهن شيئا غفر الله له ذنوبه وإن كانت ملء الأرض. فقلنا: فكيف لما مضى في الجاهلية؟ قال: تمحوه
التقى - مرتين- فقال له الجهني: أسمعت هذا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: سبحان الله!! أيحل للرجل أن يكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟! ".
وقال البوصيري:
"هذا إسناد ضعيف لضعف سفيان بن وكيع".
قلت: وإبراهيم بن إسماعيل بن مجمع الأنصاري: ضعيف أيضا.
خلاصة هذا المبحث أن الحديث صحيح بلفظ "خمس صلوات كتبهن الله على العباد، من جاء بهن لم يضيع من حقهن شيئا، جاء وله عند الله عهد أن يدخله الله الجنة، ومن انتقص من حقهن شيئا، جاء وليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة".

<<  <   >  >>